بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الذي خلق فسوى وقدر فهدى والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي أعلى ربه قدره ورفع بين العالمين ذكره وأثنى على أخلاقه فقال "وإنك لعلى خلق عظيم" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه وترسّم خطاه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد لقد أنقضي شهر رمضان المبارك، وإن التوبة من الذنوب الماضية من أعظم العلامات الدالة على رضى الله تعالى، والخوف من عدم قبول الأعمال في هذا الشهر الكريم، وكذلك الغيرة للدين والغضب إذا أنتهكت حرمات الله تعالي والعمل للإسلام بحرارة وبذل الجهد والمال في الدعوة إلى الله، وإياكم والعجب والغرور بعد رمضان، ربما حدثتكم أنفسكم أن لديكم رصيد كبير من الحسنات، أو أن ذنوبكم قد غفرت فرجعتم كيوم ولدتكم أمهاتكم.
فما زال الشيطان يغريكم والنفس تلهيكم حتى تكثروا من المعاصي والذنوب، وربما تعجبكم أنفسكم فيما قدمتموه خلال رمضان، فإياكم ثم إياكم والإدلال على الله بالعمل، فإن الله عز وجل يقول " ولا تمنن تستكثر" فلا تمنّ على الله عز وجل بما قدمتم وعملتم، ألم تسمعوا قول الله تعالى كما جاء فى سورة الزمر" وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يختسبون" فاحذروا من مفسدات العمل الخفية من النفاق والرياء والعجب، فإن الثبات بعد رمضان يجدر بالمسلم الحرص على الثبات لما قدمه من أعمال وعبادات وقربات في شهر رمضان المبارك إقتداء في ذلك بالنبى المصطفي صلى الله عليه وسلم إذ كان حريصا على أداء الأعمال الصالحة دائما، ونحن نعيش في أيام شهر شوال ومازلنا نعيش في نفحات الشهر الطيب المبارك شهر رمضان شهر الرحمة والغفران.
شهر العتق من النيران يجب لنا الوقفه مع أنفسنا حتي نتذكر الأيام التي مضتت ونعلم بأن العمر نفسه سينقضي والدنيا كلها إلي زوال ولا يبقي إلا العمل، ولقد مر ذلك الشهر المبارك وإنقضى رمضان وولى عنا، فواحزناه على ذلك الشهر الذى تولى، ووا أسفى على رمضان الذى إنقضى، ولكن السعيد من كان قد إستودعه الأعمال الصالحة، والشقى من ضيع حق رمضان، فإن فى مرور الأيام مدكر، وفى تصرم الآجال عبر وأى عبر، فإن الأيام تمضي جميعا، والأعمار تطوى سريعا، وإنما أنت يا ابن آدم أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك، وأعمالك فيه مرصودة لك، إما فى صحيفة حسناتك أو سيئاتك، وصدق القائل حيث يقول نسير إلى الآجال فى كل لحظة وأعمارنا تطوى، وهن مراحل ترحّل من الدنيا بزاد من التقى فعمرك أيام وهن قلائل يخيل للواحد منا.
أنه يزيد مع الأيام ويكبر، وهو فى الواقع يتلاشى ويصغر، والأيام تهدم عمره من حيث يشعر أو لا يشعر، لأن عمره محدود وأنفاسه معدودة وكل لحظة تمر عليه فإنما تذهب من أجله، وتنقص من عمره، وتبعده من الدنيا بقدر ما تقربه من الآخرة وما المرء إلا راكب ظهر عمره، على سفر يفنيه فى اليوم والشهر يبيت، ويضحى كل يوم وليلة بعيدا عن الدنيا، قريبا إلي القبر وليس لك أيها الإنسان من عمرك إلا ما قضيته في طاعة ربك، واستودعته عملا صالحا تجده أحوج ما تكون إليه، في يوم لا ينفع في مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فإذا كنا ودعنا رمضان فإن المؤمن لن يودع الطاعة والعبادة، بل سيوثق العهد مع ربه، ويقوى الصلة مع خالقه ليبقى نبع الخير متدفقا، أما أولئك الذين ينقضون عهد الله، فبئس القوم لا يعرفون الله تعالي إلا فى رمضان، فلا قيمة لطاعة تؤدى دون أن يكون لها أثر من تقوى أو خشية،
إضافة تعليق جديد