رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 19 أبريل 2024 3:30 ص توقيت القاهرة

أهمية البرامج الأستكشافية في التطور العلاجي بالطب الحديث

بقلم دكتورة دلال عبد الحليم حسن 

استشاري الصحة العامة وتطوير الخدمات الصحية 

أهمية البرامج الاستكشافية في التطور العالجي بالطب الحديث
منذ سنوات ماضية في مطلع القرن الحادي و العشرين بدأ تاريخ بزوغ مصطلح ما يعرف ب"البرامج الاستكشافية للعديد 
من الامراض و الاورام" من تلك الاونة بدأ تطور الطب الحديث بمفهوم جديد وهو الاستكشاف و توقع الحدوث لألمراض , 

وهي تعد برامج صحية تعني الكشف المبكر عن الامراض  والاورام قبل ظهور األعراض المرضية علي المصابين وتفاقم 
عواقبها , و تهدف تلك البرامج الي البدء في تطبيق خطة العالج مباشرة بعد اكتشافها المبكر بالمرحلة الخفية أي الغير 
ظاهر بها أعراض مرضية اكلينيكية يفصح عنها المصاب بها و ذلك من اجل الحصول علي نتائج و نسب شفاء أفضل 
للمصابين مما لو تم التشخيص بعد ظهور المرض بأعراضه كاملة أو في مراحل متأخرة قد ال تشفي , فهي برامج صحية 
تعمل علي تقليل نسب الوفيات من المصابين و ترفع نسب الشفاء من المعالجين بتلك الامراض , حيث يتم استكشاف المرض 
من خلال اختبارات بسيطة أولية تستطيع نتائجها تصنيف الناس الي فئة مصابين ايجابين للمرض بحاجة الي المزيد من 
الفحوصات لتأكيد وتحديد مرحلة الاصابة بالمرض  وأخري فئة احتمالية مصابين لم يؤكد اختبار الاستكشاف اصابتهم) وهم 

بحاجة للمزيد من الاختبارات لتأكيد أو نفي الاصابة وفئة أخري غير مصابين نتائجها سلبية تؤكد عدم الاصابة , وبناء 
علي استخدام هذا الاختبارات الاستكشافي يتم التصنيف للفئات التي بحاجة الي التوجه للمزيد من الخدمات الصحية دون أخري 
وتبني حيثيات تلك البرامج الاستكشافية على قواعد  لدراسات أساسية للمجتمع وتاريخ الامراض الشائعة به والتي لها تأثير 
سلبي قبل اختيار المرض إلقامة البرنامج الاستكشافي له واتخاذ القرار لتطبيق الحملة الاستكشافية ومن أهم هذه القواعد: 
أوال تحديد نوع المرض الذي يتم اختياره للبرنامج البدء أن يمثل أهمية عامة للمجتمع يسبب ارتفاع نسبة اإلصابة به أو نسبة 
الوفيات منه دون تمام الشفاء. 

ثانيا أن المرض يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الطاقة اإلنتاجية لألفراد بالمجتمع فيؤدي الي انخفاض االقتصاد تأثرا 
بنسب اإلصابة المرتفعة به أو الوفيات منه أو نتيجة عواقبه الصحية التي تؤدي الي اعاقات بدنية دائمة. 
ثالثا أن صفة المرض يظل خفي لفترة زمنية مناسبة الكتشافه مبكرا قبل ظهور األعراض المرضية الاكلينيكية بحيث تمكن 
من عمل الاختبار  استكشاف له بتلك الفترة وتولد الفائدة من البدء بالعالج مبكرا، فكلما طالت تلك الفترة لسنوات تحقق 
الهدف من برنامج الاستكشاف أي الكشف المبكر والعالج المبكر فاذا قصرت صعب استكشافه وعالجه المبكر. 
رابعا أن تكون نسب نتائج الشفاء بعد المعالجة المبكرة بفترة الاستكشاف أفضل بنسب فارقة واضحة مما لو تم العالج 
بمراحل تشخيص المرض بعد ظهوره كامال بأعراضه، فاذا تساوت النسب أو الفارق ليس مؤثرا فال يطبق حملة الاستكشاف 
-خامسا أن يستخدم اختبار الاستكشاف بحيث تكون نتائجه دقيقة في تحديد حساسية الاستكشاف وتخصيص كشف المرض 
حتى ال يؤدي الي اختالط النتائج وعدم الدقة ، وتستطيع نتائجه عمل التصنيف المطلوب لفئات المجتمع الي فئة مصابة او 
غير مصابة او احتمالية الاصابة لمن خضعوا لطبي البرنامج كما ذكر سابقا تفصيليا. 
- سادسا أن يستخدم اختبار الاستكشاف بحيث يكون غير ضار وغير مزعج للناس ليس له اعراض جانبية ضارة واألهم 
 علي الدولة حينما يطبق عامة واسع النطاق وكذلك يكون اختبار الاستكشاف مقبوال
تكلفته مقبولة يسيرة  التمثل عبأ ماديا
للفريق الطبي ولا يمثل جهد غير طبيعي على الممارسين المشاركين بالبرنامج. 
- فمن القواعد السابقة نري أنه ليس كل مرض مناسب إلقامة برنامج استكشافي عام التطبيق بجملة للمجتمع , بل يمكن 
تطبيق استكشاف فردي مخصص لبعض األمراض في ظروف محددة مثال ذلك استكشاف الامراض  السارية ما قبل السفر وبعد
 تطبيقه لألمراض المعدية استكشاف " الكورونا " للتصنيف بهدف العزل و منع انتشار المرض بين أفراد 
المثال الح
المجتمع الواحد أو بين المجتمعات الاخرى , وكذلك االستكشاف المخصص الفردي للعديد من الامراض السارية الهامة . 
 
والسؤال كيف بدأت مراحل تطور البرامج الاستكشافية؟ وكيف ساهمت تلك البرامج في تطوير الخدمات العالجية 
وتحسن نسب الشفاء ؟ بدأت في الواليات المتحدة األمريكية مع ظهور أول برنامج استكشافي كان عن مرض 
الزهري التناسلي الذي تم بتطبيق اختبار فحص بالدم الكشافه و تشخيصه بين المصابين به في المجتمع ومن ثم 
عالجه مباشرة باستعمال مضاد البنسيلين الذي ساعد ظهوره حينذاك في انجاح خطة الاستكشاف والعلاج الشافي 
وبالتالي تم القضاء علي انتشاره بين النساء الحوامل , لم يقتصر البرنامج فقط علي استكشاف مرض الزهري بل تم

تطبيقه كنظام وقائي بمعايير ثابتة لم تتوقف الي يومنا هذا طبقا للتوصيات المشددة في الظروف اآلتية مثل فحص ما 
قبل الزواج و فحص عينات التبرع بالدم و وفحص المرأة الحامل وإضافة الي فحص األمراض السارية قبل تعيين 
الموظفين فبذلك تم التحكم و القضاء علي انتشار مرض الزهري. ثم تاله ثاني برنامج استكشاف مرض السكري في 
الدم الذي لقي نجاحا واسع النطاق في اكتشاف المرضي المصابين بالسكري ومعالجتهم ثم توسع البرنامج عالميا نظرا 
لسهولة تطبيق اختبار الاستكشاف له بالدم بل وأصبح من البرامج الثابتة عالميا كبرنامج أساسي لتعزيز صحة 
المجتمعات كما توصي به منظمة الصحة العالمية لتخفيف العبء االقتصادي لدول العالم نتيجة ارتفاع نسب االصابة 
المرضية بالسكري والوفيات من عواقبه لدي المصابين. 
 أبلا بلاء  حسنا في النتائج 
ثم توالت بعد ذلك البرامج الاستكشافية لأورام كسرطان عنق الرحم ثم سرطان الثدي 
المرجوة من خطط العالج المبكرة بعد الاستكشاف للخلايا السرطانية قبل ظهور الورم المحسوس به أعراض، وحيث اعتمدت 
اختبارات استكشاف سرطان عنق الرحم على تحليل الانسجة المستهدفة من خاليا عنق الرحم ما يعرف ب Pap smear 
التي تكتشف وجود تغير داخلي بال خاليا لم يتعد غشاء الخلية بمرحلة الصفر أو وجوده خارجها بالمرحلة األولي مبكرا مما 
يسهل عالجه والشفاء منه. ثم تاله برنامج المسح الاستكشافي ب عمل أشعة ماموغرام استكشاف وجود خاليا سرطانية او بدأ 
تغيير تكوين خاليا الثدي في مساحة  التعدي ميكرو ميلليمتر قبل ظهور مساحة لورم محسوس بنسيج الثدي، ومما ال شك 
فيه أن تلك البرامج الاستكشافية أحدثت تغييرا ملموسا في نتائج العالج فيما بعد الاستكشاف المبكر في مراحل الصفر 
للمرض أي التغير داخل الخاليا دون الخروج منها وتحسن نسب الشفاء من تلك الاورام وانخفاض معدل الوفيات منها. 

اما عن كيف بدأت مراحل تطور وتطبيق البرامج الاستكشافية في مجتمعنا الحديث بمصر ؟ لقد خطت مصر خطوات واسعة 
النطاق خلال فترة زمنية قليلة في تطوير ما يعرف بخدمات تعزيز الصحة وتطبيق برامج الطب الوقائي الحديث الذي 
يقتصر فقط القضاء على الامراض السارية بل يشمل الوقاية من وسرعة عالج األمراض الغير سارية مع تفعيل خطة تثقيف 
صحي ممنهج لتغيير نمط الحياة الغير صحي الي آخر يعزز السلوك الصحي المناسب من حيث التغذية والرياضة المالئمة لكل 
فئة عمرية كوسيلة أساسية للوقاية من الامراض الغير سارية والحماية من الاورام المنتشرة بسبب نهج السلوكيات 
المرضية، 
- فبدأت مصر بأكبر حملة استكشافية – عالجية للقضاء على االصابة بفيروس سي C التي انطلقت في 30 سبتمبر عام 
2018 تحت شعار " 100 مليون صحة " وانتهت في يوليو 2020 واستهدفت 50 مليون مواطن لتمضي مصر في 
خطة ناجحة للقضاء على مرض الكبدي فيروس سيC قبل حلول 2030 طبقا للخطة الهادفة. 
ثم تالها الحملة الاستكشافية لصحة المرأة للكشف المبكر عن سرطان الثدي للمرأة المصرية في يوليو عام 2019 حيث 
استهدفت 28 مليون سيدة استكشاف أورام الثدي من خلال تطبيق عدة اختبارات استكشافية منها الكشف الاكلينيكي وعمل 
اشعة السونار ثم الماموغرام السينية وتتدرج الي عمل الرنين للحاالت الالزمة والحاالت التي بها قصة وراثية لإلصابة كما 
صحب حملة الاستكشاف تقديم الخدمات العالجية والمتابعة الالزمة بالفترات الزمنية طبقا للمعايير بالبروتوكول العالمي لها. 
ويعد برنامج الاستكشاف المبكر عن سرطان عنق الرحم من البرامج الهادفة واألكثر نجاحا لدعم صحة المرأة ألنه الطريق 
المناسب للوقاية من اإلصابة بمراحل متقدمة من المرض فال يقل أهمية عن برنامج سرطان الثدي كلاهما داعم لصحة المرأة 
حيث بلغت عدد الاصابات ٨ من كل ١٠ سيدات طبقا إلحصاء عام ٢٠١٨ , فهو يعد ثاني أخطر سرطان يصيب النساء يأتي 
بعد سرطان الثدي مما يدفع بالمسؤولين لتوجيه البرامج االستكشافية – العالجية المبكرة للحاالت التي يتم اكتشافها باإلصابة 
في مرحلة الصفر أو الاولي وهو من الامراض التي تشفي و ترتفع نسبة النجاة من الوفاة إ ذا ما تم تشخيصه مبكرا , وتكرار 

الفحص الدوري كل ٣ سنوات للنساء من عمر ٢١ عام وحتي ٦٥ عام بعمل اختبار الخاليا فقط او كل ٥ سنوات اذا تم 
جمع كل من الفحصين لا خاليا Pap smear مع فحص عينة الدم للفيروس المسبب HPV-DNA فيروس الورم الحليمي 
و الذي يتم الوقاية منه بالتطعيم 
للفتيات قبل الزواج من سن ١١ الي ١٣ سنة والفتيان من سن ٩ سنوات كما هو في لندن يعد ال تطعيم به مدرج بجدول 
التطعيمات األساسية للفتيات والفتيان، األمر الذي يطرح لنا سؤال جديد هل نستبدل برنامج اإل ستكشاف عن سرطان عنق 
الرحم للسيدات ببرنامج تطعيم األبناء ضد الفيروس HPV فيروس الورم الحليمي المسبب للمرض؟ 
- والاجابة بالتأكيد لا ، فلا غني عن أهمية تعميم تطبيق برنامج استكشاف سرطان عنق الرحم مبكرا للنساء من سن ٢١
عام وحتي سن ٦٥ و باإلضافة الي التطعيم اذا توافرت الامكانيات لتعميم التطعيم بين الاجيال القادمة من األبناء علي أن 
يتم تطويره ويدرج في جدول التطعيمات األساسية للفتيات و الفتيان بإضافته للوقاية من فيروس المسبب للورم HPV 
وعندئذٍ س يصبح البرنامج الاستكشافي تعزيزي أيضا لخدمات الصحة الوقائية ضد اإلصابة بالفيروس HPV
ليس هذا فحسب بل يتم تطوير البرامج الاستكشافية إلضافة العديد من األمراض الحيوية المؤثرة في حياة المجتمع مثل 
مرض االكتئاب بين فئة المراهقين و الشباب لما له من آثار جانبية سلبية علي األسر المصرية , أيضا إضافة برنامج 
الاستكشاف عن سرطان الرئة بين فئات المدخنين نظرا الرتفاع نسبب المدخنين منذ الصغر , أيضا اإلعداد لتطبيق البرنامج 
الاستكشافي لسرطان القولون نظرا النتشاره بسبب العادات الغذائية المسببة له , و كذلك البرنامج الاستكشافي لهشاشة 
العظام لدي فئة النساء ما بعد انقطاع الطمث ومن  لديهن عوامل وراثية و مرضية مسببة للهشاشة وذوى عوامل الخطورة 
المسببة للهشاشة مبكرا من الرجال والنساء نظرا لكثرة استخدام العالج الكيماوي والكورتيزون للعديد من األمراض. 
- وبهذا المنظور الشامل نكون قد وصلنا الي توضيح مختصر عن أهمية البرامج االستكشافية لتطوير خطط العالج وتحسين 
نسب الشفاء الكامل والتعافي من أهم الامراض والاورام، ورأينا كيف يتم االختيار الدقيق للمرض لدخوله البرنامج 
الاستكشافي ورأينا ما هي سلسلة الامراض الهامة التي تم تطبيقها بالفعل محليا وعالميأ، وأيضا ما هي الا خطة المستقبلية 
للتطوير المرتقب حتي تشمل البرامج  الاستكشافية ما هو ضروري وحيوي في تحسين أعمار فئات المجتمعات مستقبال.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.