أيـــا أيــهـا الـقـلـب الـمـنادمُ

بقلم مصطفى سبتة

فــي أي أوطـان أُريـحُكَ يـا تـرى

تهوى المدائنَ أم ستُرضِيك القرى

مـا كـدت أنـزل مـوضعا ألـِقَ المُنى

حــتــى تـعـاتـبـَني وتـنـشـدَ آخـــرا

لا الْــوَاحُ تـبهج بـيد عـمرك والـفلا

نــامـت عــلـى رِيٍّ بـأحـلام الـثـرى

وهـوى الـشطوط إذا بعثتَ تشوُّقا

لــم تـسـتجب لـلـبحر حـتى أبـحرا

فــــإذا بـــه تـعِـبـا يـكـابـد مــوجـه

ويــشـده الــغـرق الأثــيـم تـجـبُّـرا

قـلـنـا نــلـوذ بــقـاعِ مــاض غــارق

مـا كـان يـرقد مـن شـعابٍ زمـجرا

لا أيـك فـي غـابات حـلمك أورفت

والـصـبح حـتى فـي الـبكور تـأخر

والــروض حـين تـجهمت أغـصانها

زهــر الـمـحبة قــد أبــى أن يـزهرا

حــتـى الأفـانـين الـتـي رمـنـا بـهـا

ظــــلا ظــلـيـلا ألـهـبـتـك تــحـيُـرا

والأرض أمُّ الـطـيـن أحـجـمَ لـيـنها

فـتـجـمدت كـــي تـسـتبد تـحـجرا

والــجـو هـــاج بـوجـهِـه إعــصـارُه

وانـهال فـوق الـقلب هـولا مـمطرا

حـتى بـدت كـل الـمواطن غـربتي

وبـــدا خــيـال حـقـيـقتي مـتـناثرا

تــلـك الــوجـوه غـريـبـة أم أنــنـي

هـذا الـغريب وليلُ عمري قد سَرى

يـــا أيــهـا الـقـلـب الـمـنادمُ غـربـة

فــي حِـلّـه ورحـيـله حـتى اهـترى

اصـبر عـلى الأرض الـتي تاهت بنا

يـومـا سـتـصبِح جـنـةً بـين الـورى

ونـقـيـم عـمـرا حـالـما فــي أيـكـها

بـالـسهل فـيـها والـتـلال وبـالـذُرى

الـبـحـر يــهـدأ بـعـد طــول عُـبـابه

ويــروق مـا قـد كـان فـيضا هـادرا

ومــن الـليالي الـسود يـبزغ بـدرها

بــيـن الــظـلام الـكـثِّ حـُلـوا نـيـِّرَا

والـنـبـع يـــوم تـثـاقـلت خـطـواته

وبــدا مـهـيضا فــي الـخفا مـتعثِرا

حتى علت في البيد أصوات الظما

فـــإذا بـــه بـيـن الـصـخور تـفـجَّرا

سـتـغـرد الأحــلام رجــع نـشـيدها

وتـلـمـلـم الآفــــاق نــــورا مـُـهْـدَرا

ويـشـقشق الـفـجر الــذي تـقـنا لـه

يصحو به مـن كـان يشقى ساهرا

فـالـفجر فــي أحـشـاء لـيل حـالك

حـتـما سـيـولد فـجـرنا واصـبر تـرَ