رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 17 أبريل 2025 2:00 م توقيت القاهرة

البعد عن صراع الحضارات

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن من أنواع الجهاد هو الجهاد بالمال، فالجهاد بالمال معناه أن تدفع مالا يستعين به المجاهدون في سبيل الله، في نفقتهم ونفقة عيالهم وفي شراء الأسلحة وغيرها من معدات الجهاد، وفي ذلك فضل عظيم، لأن الله تعالي ذكره في القرآن الكريم مقدما على الجهاد بالنفس مما يدل على أهميته ومكانته عند الله تعالى، والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وإن الإرهاب يختلف عن الجهاد إختلافا جوهريا في كل شيء، في حقيقته ومفهومه، وأسبابه وأقسامه. 

وثمراته ومقاصده، وحكمه شرعا، هو أن الإرهاب بمعنى العدوان، وهو ترويع الآمنين وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم والإعتداء على أموالهم وأعراضهم، وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغيا وإفسادا في الأرض، وأما عن الجهاد، فهو يهدف إلى الدفاع عن حرمات الآمنين، أنفسهم وأموالهم، وأعراضهم وإلى توفير وتأمين الحياة الحرة الكريمة لهم، وإنقاذ المضطهدين وتحرير أوطانهم وبلدانهم من براثن قوى الإحتلال، وإن الإرهاب كلمة مقصورة محصورة في الإقدام على القتل والتخويف والخطف والتخريب والسلب والغصب، والزعزعة والترويع، والسعي في الأرض بالفساد، فالإرهاب إزهاق للأرواح المعصومة، وإراقة للدماء المحترمة، من غير سبب مشروع، وإن الإرهاب لا يعرف وطنا ولا جنسا، ولا دينا ولا مذهبا، ولا زمانا ولا مكانا.

وإن المشاعر كلها تلتقي على رفضه وإستنكاره، والبراءة منه ومن أصحابه، فهو علامة شذوذ، ودليل إنفراد وإنعزالية، فإن هذا إبراز لصورته الكالحة، وآثاره المدمرة، والتأييد العالمي، والتكتل الدولي مطلوب من أجل مكافحته، فيجب على كل عاقل بغض النظر عن جنسيته أو ديانته، أو لونه أو هويته، أن يعلن الحرب على الإرهاب الغاشم الظالم، والمسلم حين يُدين الإرهاب، فإنه لا يستمد موقفه هذا وإدانته تلك من إعلام الإثارة والتهويل، ولكنه إدانة من مسلم منطلق من إسلامه الذي يمنع قتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق، وإن الإسلام يؤكد كل معنى الحماية للمدنيين والعزّل والضعفة ممن ليسوا أهلا للقتال، وليسوا في حال قتال، وإن ابن آدم الأول قابيل حين قتل أخاه ظلما فباء فإثمه وإثم أخيه، فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

" لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها، لأنه كان أول من سن القتل " ويتحمل قابيل بن آدم كفلا من كل دم إنساني يسفح عدوانا في الماضي وفي الحاضر والمستقبل، فهى أكوام من الآثام المتراكمة، لماذا؟ لأنه أول من استباح دم نفس إنسانية، وأول من بسط يده بالقتل، وإن الإسلام يعظم حرمة الدم الإنساني، الويل ثم الويل لمن يقتل أنفسا، ويروع آمنين، ويدمر ممتلكات، يقصدهم في مساكنهم وأسواقهم، ومرافقهم، في أسواق ومرافق تعج بالرجال والنساء والأطفال، وإن المسلمون حين يقفون مع العالم كله في هذا الشجب والإدانة والإستنكار للإرهاب ومحاربته، فإنما يشاركون في ضبط المسار، وترشيد الوجهة، والبعد عن صراع الحضارات، وإنها فرصة مناسبة لمراجعة الأوضاع، والنظر في السياسات في حقوق الإنسان، وضوابط الحرية، ومقاييس العدل. 

والتعامل مع كل هذه المبادئ، كقيم جوهرية وحقائق ثابتة، بعيدا عن الإنتقائية المصلحية، فإن المطلوب هو نظر شمولي يتوجه إلى معالجة المشكلة، لا إلى إيجاد مشكلة، أو مشكلات تكون أكثر أو أكبر، علاج بعيدا كل البعد عن عقلية الإنتقام والقتل والتدمير، وإثارة نزاعات حضارية ودينية وعرقية، تضع العالم كله في ميدان حرب أو حروب لا نهاية لها، بل تقودها إلى جرائم تولد جرائم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.