رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 2:39 م توقيت القاهرة

التنقيب عن ذهب الأجداد تصيب فقراء مصر بـ لعنة الفراعنة مدينة حلوان مهددة بهبوط أرضي بسبب أنفاق البحث عن الآثار

 هاني توفيق 

لا تبدو «حُمَّى التنقيب عن الآثار» في مصر ظاهرة حديثة، لكنها بدأت تشغل الرأي العام، بعد انتشار الحوادث المتعلقة بالظاهرة من قتل وسرقة واتجار في السلاح، لإنجاز مهام التنقيب تحت منازل بيوت الفقراء، الذين يرون فيها خلاصهم السريع والنهائي من الفقر، دون أن يلاحظوا أن أسطورة «لعنة الفراعنة» ربما تطاردهم حتى اليوم.

التقارير الأمنية أكدت أن مدينة حلوان وضواحيها بالكامل مقبلة على كارثة، بسبب قيام أهالي عدد من المدن والقرى الريفية بالتنقيب أسفل منازلهم عن الآثار، مما يهدد بحدوث هبوط أرضي كبير يعقبه انهيار للعقارات التي تم التنقيب أسفلها، ما دفع  السلطات الأمنية المختصة بمدينة حلوان بإعداد تحريات دقيقة حول عمليات التنقيب عن الآثار أسفل المنازل، عقب وقوع حادث قتل سائق بشركة المقاولين العرب لستة عمال من زملائه، وإصابة ستة آخرين بسبب خلاف بينه وبين أحد القتلى على التنقيب تحت منزله، وهي القضية التي عرفت إعلامياً بمذبحة «المقاولين العرب»، حيث تكررت محاضر ضبط عمليات تنقيب عن الآثار أسفل المنازل بمحافظة حلوان.

التقارير أشارت إلى أن عمليات التنقيب عن الآثار تجري على أشدها في مناطق «عين حلوان والمعصرة والمستقبل وأطفيح» والقرى والأحياء التابعة لها، وأن عمليات التنقيب الهستيرية التي اتجه إليها جميع أهالي المحافظة تقريباً أدت إلى حدوث أنفاق أسفل المنازل، بشكل متصل، مما حوَّل المحافظة إلى مدن قائمة على أنفاق مهددة بهبوط القشرة السطحية في أي وقت، وبالتالي سوف يؤدي إلى انهيار المباني المقامة فوقها.

وهناك اعتقاد سائد في صعيد مصر بأن باطن الأرض لايزال يحتفظ بالعديد من كنوز الأجداد الذهبية، على اعتبار أن معظم الآثار المصرية لم يتم الكشف عنها بعد، مع تأكيد مسؤولي الآثار على أن المُكتَشف منها لم يتجاوز 30 في المئة. ولتنفيذ حلم الثراء السريع يتكاتف عدد من الأفراد - في الغالب من أسرة واحدة- لحفر أنفاق أسفل المنازل للتنقيب عن الآثار بعيداً عن عيون الجهات الرقابية، وتتركز عمليات التنقيب عن الآثار عادة في صعيد مصر، بحكم كونها المنطقة الأشد فقراً في البلاد.

 الحمى التي أصابت المجتمع المصري لم تفرق بين مختلف الطبقات فقد اشترك العديد من أصحاب الحرف والموظفين في عمليات التنقيب، وفي العام الماضي تم القبض على مجموعة يتزعمها أحد الحرفيين للتنقيب عن الآثار في الصعيد.  

في سبتمبر الماضي لقي 6 أشخاص -بينهم دجال- مصرعهم أثناء التنقيب عن كنز أثري بمنطقة الهرم (غرب القاهرة)، ومن أطرف قضايا التنقيب عن الآثار إلقاء الشرطة المصرية القبض على عصابة للتنقيب على الآثار بالأقصر تتزعمها ربة منزل.

 من جانبه، يرى د. صلاح عبدالمتعال أستاذ علم الاجتماع ومستشار المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن ظاهرة التنقيب عن الآثار تكشف قيم المجتمع المصري في الفترة الراهنة، بعد فشل سياسات الحكومة في توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الرئيسية للمواطن الكادح، وأضاف: «فضلاً عن غياب القدر الكافي من التعليم الجيد الذي يحمي المواطن من الأفكار الشعبية، مما يدفع المواطن المصري إلى التنقيب عن الآثار بحثاً عن الثراء السريع طبقاً للمفاهيم الاجتماعية السائدة في مصر حالياً، والقائمة على مبدأ الثراء دون عمل، وهي نماذج للأسف موجودة بكثرة في مجتمعنا، ويتم الترويج لها على اعتبار أنها النماذج الأكثر نجاحاً».

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.