العم... الأخ الصديق ملحمة معلم
بقلم د/ سماح عزازي
في حياة كل منا أشخاص يتركون بصمات لا تمحى،
يسندون ظهورنا في أوقات الشدة، ويضيئون دروبنا بنور المحبة والوفاء. وفي هذه السطور، تكتب د. سماح عزازي شهادة امتنان وتقدير لرجل جمع بين الأخوة والصداقة والمعلمة والقدوة، الأستاذ عبد المنعم علي عزازي، الذي حمل همّ رسالته التربوية والاجتماعية بكل إخلاص، فكان نموذجًا مشرفًا للعطاء في حب بلده وأهله ومدرسته.
في أوقات الحياة المزدحمة بالمواقف، والبشر، والاهتمامات المختلفة، يحتاج الإنسان دائمًا إلى من يتكئ عليه، إلى سندٍ وصديق يلجأ إليه وقت الحاجة، يجد لديه المشورة والرأي السديد.
وسعيدٌ من تقع في طريقه شخصيات تهتم به وبأمره، وبكل تفاصيله، ترشده للصواب، وتتمنى له الخير، تشد بأزره وتدعمه في كل المواقف؛ فإن كان على صوابٍ صفقوا له، وإن كان على خطأ نصحوه بالكلمة الطيبة، مشجعينه أنه يستحق الأفضل.
هذه القوة الداعمة الجبارة قادرة على إيصال الإنسان إلى القمة.
ودائمًا، يكون هذا الشخص قريبًا منك. وتكون محظوظًا إذا كان أخًا أو عمًّا، لكنه أيضًا صديق يعلمك ويرشدك ويمنحك ما تحتاجه من قوة.
ولأني دائمًا من هؤلاء المحظوظين، كان عمي وصديقي هو ملاذي في كل مرة احتجت فيها إلى النصيحة أو المشورة أو الحديث مع صديق.
كنا نجتمع على النقاشات المختلفة، وإذا لم نتوصل إلى رأي موحد، حاول كل منا أن يقنع الآخر حتى نخرج بتوصيات عملية من هذه المناقشات.
رغم أنه يصغر الكثيرين في العائلة سنًّا، إلا أن رجاحة عقله وسداد رأيه جعلاه كبير العائلة بحق؛ عائلةٌ تضم جميع الرتب والمناصب العالية والمثقفين وأصحاب المقام الرفيع، ومع ذلك كانوا جميعًا يقدمونه عليهم، وينصتون إليه، وينصاعون لرأيه دون تذمر.
إنه عمي الأستاذ عبد المنعم علي عزازي، مدير مدرسة الدكتور عزازي علي عزازي الثانوية المشتركة.
هو عمي الأصغر، ويكبرني بثلاث سنوات فقط، وستتناول السطور القادمة الحديث عن العم، والأخ، والصديق، والمعلم، والناصح الأمين، الذي طالما لجأت إليه وقت الغضب أو الضيق أو عند وجود مشكلة أو رغبة في التشاور وأخذ الرأي.
تعلمت منه كيف أناقش أموري بهدوء، وكيف أكون قوية الحجة لا عالية الصوت، تعلمت كيف أجبر الجميع على الاستماع إليّ دون الحاجة إلى الصراخ.
كنت دائمًا الابنة المدللة لهذه العائلة العظيمة، التي أفتخر بالانتماء لها، وأحمل اسمها تاجًا على رأسي ووسامًا على صدري.
وهذه السطور لا تصف العم، الأخ، الصديق فقط، بل تسرد ملحمة معلم ومربٍ فاضل.
فقد حصل على بكالوريوس التربية من جامعة الزقازيق، وعمل معلمًا للغة العربية في عدة مدارس حتى استقر به المقام في مدرسة الدكتور عزازي علي عزازي الثانوية، التي أصبح لاحقًا مديرًا لها.
منذ أن تولى المنصب في أول يونيو ٢٠٢٠، حمل على عاتقه هموم المدرسة، مدرسة تخدم بلدة كبيرة يبلغ تعداد سكانها حوالي ٨٠ ألف نسمة.
مدرسة كانت تحتاج إلى مدرسة أخرى لإعادة تأهيلها وتجهيزها لاستقبال طلابها ولتفعيل العملية التعليمية على أكمل وجه.
لم يترك بابًا إلا وطرقه للمساعدة في رفع كفاءة المدرسة.
وبفضل ما له من رصيد محبة واحترام عند عائلته وأهل بلدته، هب الجميع لمشاركته حلمه في تحويل المدرسة إلى مدرسة نموذجية، تؤدي دورها بكفاءة واقتدار.
قاد حملة مشاركة مجتمعية، فوقف الجميع وقفة رجل واحد، لتوفير احتياجات المدرسة.
حول المدرسة إلى خلية نحل من العمل الدؤوب، من أعمال نظافة، إلى إصلاح الكهرباء، والسباكة، ورفع كفاءة المباني، وإصلاح ما أفسده الزمن، حتى تستقبل العام الدراسي التالي بحلة جديدة مشرقة.
فالمدرسة مدرستي التي خرجت أجيالًا كثيرة، وهي تستحق كل الاهتمام.
وكان لـ"منتدى أبناء أكياد" – الصفحة الرسمية على موقع فيسبوك – دور مهم في المساهمة في استكمال متطلبات المدرسة، عبر دعم أبناء البلدة المخلصين لترابها.
تحمل أعباءً كثيرة لإنجاز مهمات ضخمة في فترة وجيزة، فكان مناضلًا وطنيًّا في مجاله، ومعلمًا صاحب رسالة، اجتهد وسهر حتى يرى مدرسته في أبهى صورها.
رأى أن أولاده من الطلاب يستحقون الأفضل، وأعد ملفًا كاملًا بالإنجازات التي سأستعرضها بالتفصيل في مقال قادم بإذن الله.
وهذا ليس الجانب الوحيد المشرق في هذه الشخصية الفريدة المحبة للخير؛ بل كان له دومًا بصمات أخرى في ميادين العمل الخيري والاجتماعي.
فهو قائد أكبر عمل خيري في البلدة تحت مظلة جمعية سنابل الخير، لمساعدة المحتاجين والأيتام والأرامل، وتجهيز العرائس غير القادرات، تحت شعار:
"سنابل الخير... بالعطاء نحيا".
ولم يتوقف عطاؤه عند ذلك.
بل قام هو وعائلته بتشييد مجمع الدكتور عزازي علي عزازي الخيري، الذي يضم مسجدًا، ودار مناسبات، ودارًا لتحفيظ القرآن الكريم، وجمعية خيرية تقدم خدمات مختلفة لأبناء البلدة.
إنها شخصية تعلمت منها وما زلت أتعلم أن الفرح الحقيقي يكمن في بسمة من حولك، وأن السعادة في قضاء حوائج الناس، وأن قمة القوة أن تملك نفسك عند الغضب، وتغفر الإساءة، وتسامح الآخرين، وتتعامل مع الناس بتواضع ومحبة، وأن أعظم جائزة يحصل عليها الإنسان هي حب الناس.
ومازال نهر عطائه مستمرًا...
فهو دائمًا داعمٌ لي، وها أنا أرفع له القبعة إجلالًا واحترامًا،
فهو نعم الأخ، ونعم الصديق.
إضافة تعليق جديد