رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 19 أبريل 2024 11:32 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الإنسان ما بين الإختبار والإبتلاء " جزء 10 "

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الإنسان ما بين الإختبار والإبتلاء، وعلى المسلم أن يبذل الأسباب الشرعية والمادية ليدفع عنه البلاء، فإذا ابتلي في جسده بحث عن العلاج، وإذا ابتلي في رزقه مشى في مناكب الأرض يبحث عن العمل، وإذا ابتلي بتسلط ظالم دفعه بكل الوسائل الممكنة، ولا يستسلم لذلك بحجة أنه ابتلاء، فقال تعالى فى سورة الشورى " ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل" وإذا كان الابتلاء للمجتمع والأمة بشكل عام، سواء كان بالاختلاف والتفرق، أو الأزمات الاقتصادية، أو بتسلط العدو، أو بالأمراض والأوبئة، أو بالكوارث، وغيرها، سارع الجميع إلى التعاون والتراحم والتآلف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقديم النفع. 

وسعى الجميع إلى رأب الصدع، وإصلاح الوضع، وقول كلمة الحق، وبذل كل واحد من الأسباب ما يستطيع، ونأى كل واحد بنفسه عن أن يكون سببا في إثارة النعرات، وإزهاق الأرواح، وسفك الدماء، وترويع الآمين، فيلقى الله وهو عليه غضبان، وأيضا فعلى الجميع التضرع إلى الله والدعاء بأن يرفع البلاء، ويلطف فيه، ويكتب الأجر والثواب، وإن من أسماء الله الحسنى العليم الحكيم، ومن مقتضى ذلك أن تكون أفعاله سبحانه وتعالى وما يجري به قضاؤه وقدره،لا يخلو من العلم والحكمة، ومن سنن الله في كونه وقوع الابتلاء بالمخلوقين ، وذلك اختبارا لهم, وتمحيصا لذنوبهم وتمييزا بين الصادق والكاذب منهم وأكمل الناس إيمانا أشدهم ابتلاء. 

فقد اقتضت حكمة الله تعالى اختصاص المؤمن دون غيره غالبا بنزول البلاء وذلك تعجيلا لعقوبته في الدنيا، أو رفعا لمنزلته في الجنة، أما الكافر والمنافق فيعافى ويصرف عنه البلاء، وتؤخر عقوبته في الدار الآخرة، ومن حكمة الله تعالى أنه لا يبتلي عباده المؤمنين بابتلاءات لا يتحملونها، بل يبتليهم ببلاء يتناسب مع إيمانهم، والناس حين نزول البلاء على أقسام فمنهم المحروم من الخير، وهو الذي يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر ومنهم الموفق الذي يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله ومنهم الراضي الذي يقابل البلاء بالرضا والشكر وهو أمر زائد على الصبر وقد ذكر العلماء للابتلاء حكما كثيرة ومتعددة. 

لأن فهم الحكمة من الابتلاء يخفف على المؤمن ما يجده إن كان البلاء بما تكرهه نفسه ويجعله يشكر الله تعالى إن كان البلاء بما يحب ويعلم أن هذا البلاء مكتوب عليه فيتكيف مع هذا الظرف ويتعامل بما يتناسب معه ويعلم أيضا أن كل الخلق مبتلون مثله بنوع من البلاء كل بحسبه فلا يكاد يسلم أحد منه ومن نظر في مصيبة غيره هانت عليه مصيبته، ويعلم ما أعد الله لمن صبر في البلاء أو شكر في الرخاء وأنه ربما ابتلاه الله بهذا دفعا لشر وبلاء أعظم مما ابتلاه به وهذا من لطفه بعبده،  فهذه الدار هي دار الابتلاء والاختبار والامتحان والكل فيها مبتلى بالخير والشر بما يحب وبما يكره، ومن فوائد البلاء وحكمته أن في البلاء تكفيرا للذنوب ومحوا للسيئات. 

وأن في الابتلاء رفعا للدرجات في جنات النعيم، وانظروا إلى التاريخ واقرؤوا فيه منذ بعثة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الآن الفترات التي قهر فيها المسلمون أهل الأرض من المشركين أكثر أم العكس؟ ستجد باستقراء التاريخ أن المسلمين كان لهم العلو العسكري، والغلبة المادية في الأرض أكثر، وكل الحملات الصليبية على بلاد المسلمين انتهت بالفشل الذريع ولا بد أن تنتهي الحملات الحالية بالفشل الذريع ونحن نقرأ في الأحاديث والآثار أن قتالا بيننا سيكون وبين بني الأصفر وسيكون لنا الغلبة عليهم بإذن الله فإذن لا يغرنكم يا أيها المسلمون هذه الانتصارات البسيطة والغلبة المحدودة في الزمن الآن للكفرة فإن الله ناصر دينه ومعز كلمته ومظهر هذا الإسلام على أهل الأرض ولكن من الذين ينصرهم الله؟

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.