رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 4:52 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن فقهاء الصحابة ( الجزء الثالث )

الدكرورى يكتب عن فقهاء الصحابة ( الجزء الثالث )
إعداد / محمـــد الدكــــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع فقهاء الصحابه وقد توقفنا عندما قلنا أن من أشهر فقهاء الصحابة هم الخلفاء الراشدين الأربعة وهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، رضى الله عنهم أجمعين، ومنهم أيضا ابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأبو الدرداء وأم المؤمنين السيده عائشة بنت أبي بكر الصديق، وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن الزبير بن العوام وعبد الله بن عمرو بن العاص، رضى الله عنهم جميعا، ويقسم التاريخ الإسلامي الصحابة الكرام الذين عاصروا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى نوعين، وهما المهاجرون، وهم أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذين أمنوا بدعوته منذ البداية وهاجروا معه من مكة إلى يثرب التي سميت بالمدينة المنورة، والأنصار، وهم من نصروا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

من أهل المدينة المنورة بعد الهجرة، وإن هناك من يضيف فئتين من الأنصار وهما، البدريون، وهم من ساند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في معركة بدر، وعلماء الصحابة، وهم الصحابة الذين تفرغوا للعلم، ولا يمكن القطع بعدد الصحابة بين كتاب السيرة النبوية، وذلك لتفرقهم في البلدان والقرى والبوادي، وقد تم ذكر اسماء الصحابة في العديد من المدونات الإسلامية، ومنها كتاب الطبقات الكبير، لمحمد بن سعد، وفي كتاب الإستيعاب في معرفة الأصحاب، لحافظ القرطبي، وبحسب ما ذكر في كتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، لشهاب الدين القسطلاني، وكان هناك حوالي عشرة ألاف صحابي حين فتحت مكة، وسبعين الفا في معركة تبوك، وكان هناك مائه وأربعه وعشرون ألف صحابي حضروا حجة الوداع مع النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومما جاء في السنة النبوية من فضل الصحابة الكرام.

رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " وقد قال البيضاوي، معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل جبل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه، ومعنى المد هو كف اليد مليئ بالطعام، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص، وصدق النية مع ما كانوا من القلة، وكثرة الحاجة والضرورة، وقيل السبب فيه أن تلك النفقة أثمرت في فتح الإسلام، وإعلاء كلمة الله تعالى ما لا يثمر غيرها، وكذلك الجهاد بالنفوس لا يصل المتأخرون فيه إلى فضل المتقدمين لقلة عدد المتقدمين، وقلة أنصارهم فكان جهادهم أفضل، ولأن بذل النفس مع النصرة، ورجاء الحياة ليس كبذلها مع عدمها.

وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" وعن أبي بردة رضى الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" وعن أبي راكة قال، صليت خلف الإمام علي، صلاة الفجر فلما سلم انفلت عن يمينه ثم مكث كأن عليه الكآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال " لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما أرى اليوم شيئا يشبههم كانوا يصبحون ضمرا شعثا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله ويراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم "

ويتضح من كل ذلك أن الصحابة الكرام درجات بعضها فوق بعض، فالسابقون الأولون الذين أسلموا وجوههم إلى الله تعالى، ولبوا مناديه إلى الإيمان، وكل من على سطح هذه المعمورة مخالف لهم هم كبار الصحابة الذين اصطنعهم سيدهم بنفسه، ورباهم تحت سمعه وبصره عبر ثلاث عشرة سنة قضاها رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، في مكة، وقال فيهم ورحى الحرب دائرة في بدر "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض " وقال كذلك صلى الله عليه وسلم " الله الله في أصحابي، فلوأن أحدكم تصدق بمثل أحد ذهبا ما ساوى مده ولا نصيفه" ويلي هؤلاء السابقين من المهاجرين، والسابقون من الأنصار وهم الذين بايعوا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، بيعة العقبة على أن يمنعوه من الأسود والأحمر، والإنس والجن، وما سوى الصحابة الكبار طبقات بعضها أفضل من بعض.

فالذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا أفضل من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وأن الله تعالى قد جعل لأصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مقياسا تقاس به أقدارهم وميزانا توزن به منازلهم ومراتبهم، فالسابقون الأولون من المهاجرين هم الكبار الذين لا يسمو إليهم غيرهم، ومن عداهم من الصحابة الكرام متفاوتون تبعا لأعمالهم في نصرة الإسلام، وجهادهم تحت ألويته وراياته، فأفضلهم الذين شهدوا بدرا ودافعوا عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودينه فيها، ويليهم من شهد غزوة أحد وهكذا حتى غزوة تبوك، ولقد كانت الصحابة الكرام يتعلمون الأحكام الشرعية ويتفقهون في دين الله تعالى، خلال العصر النبوي الشريف الذي اختص بنزول الوحي فيه، حتى اكتمل الدين، وكانت مهمة الصحابة هو تعلم أحكام الشرع، وهو ما شرعه الله تعالى، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من أحكام، وأخذ كل ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم، من عند الله وحفظه ووعيه.

وأيضا تدوين القرآن ثم الحديث ونقله وروايته وتعليمه للناس، والتفقه فيما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وأوحي به إليه من القرآن الكريم والحديث، وقد فسرت آيات الله تعالى، بالقرآن الكريم، وفسرت الحكمة بأنها هى الحديث النبوي الشريف، فكان هو معلمهم الذي أخذوا من علمه، وتتبعوا ما جاء عنه من أقواله وأفعاله وتقريراته، فكان يرشدهم ويوجههم ويسدد خطاهم ويفقههم في الدين ويعينهم على التعليم والتعلم بالنصيحة والدعاء لهم بالخير، ويوضح لهم تعاليم الدين وقواعده التي تبنى عليها اجتهاداتهم وتقوم بها حجتهم، ويقوم على أساسها قياس الأشباه والنظائر في المسائل المستجدات التي تواجههم، ولم يكن علم الصحابة مقصورا على النقل ولا الأخذ بظواهر نصوص القرآن الكريم والسنة، بل كان لهم طرق للفقه فيما أخذوه من خطاب الله وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم، وما فهموه منهما، والعلم بتفسير القرآن الكريم.

الذي نزل بلغتهم وعرفوا أسباب نزوله وعايشوا الوقائع، والعلم بما أخذوه من تفاصيل أحكام السنة النبوية، وكان لهم من ذلك معرفة واسعة بأحكام الدين، وقد كان الاجتهاد في العصر النبوي الشريف، هو قليل الوقوع في بعض الظروف، وكان في نزول الوحي ما يؤيده أو يبين حكمه، وقال في البحر، واختلف في علم النبي صلى الله عليه وسلم، الحاصل عن اجتهاد، فهل يسمى فقها؟ والظاهر أنه باعتبار أنه دليل شرعي للحكم لا يسمى فقها، وباعتبار حصوله عن دليل شرعي يسمى فقها اصطلاحا، وقد اختص فقهاء الصحابة الكرام بجملة من المميزات لم تتوفر جميعها في غيرهم، فهناك من كان له طول الصحبة وكثرة المجالسة والأخذ، ولا يقتصر هذا على رواية الحديث الشريف، فقد ورد في الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" فالخصوصية في قوة الفهم والذكاء، والتوفيق والإلهام من الله تعالى.

لمن أراد له الخير وفقهه في الدين، بالإضافة إلى خصائص أخرى كالدعاء والإجازة والشهادة وغيرها، فمن الدعاء مثل حديث: "عن علي بن ابي طالب أنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت، يا رسول الله أتبعثني وأنا شاب وهم كهول ولا علم لي بالقضاء؟ فقال صلى الله عليه وسلم، انطلق فإن الله عز وجل سيهدي قلبك ويثبت لسانك، قال علي، فوالله ما تعاييت في شيء بعد" وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال "اللهم اهد قلبه" قال على، فما شككت في قضاء بين اثنين حتى جلست مجلسي هذا " وكذلك الدعاء لابن عباس في حديث شريف "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" وغير ذلك، والإجاز مثل تكليف بعض الصحابة للقيام بمهمة القضاء والفتوى والتعليم، والشهادة مثل حديث "وأفرضهم زيد" وقد جاء في كتب الحديث أن أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بالحلال والحرام هو معاذ بن جبل، وأعلمهم بالمواريث هو زيد بن ثابت.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.