رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 9 مايو 2024 6:18 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن المبالغة في سد الذرائع

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 27 مارس 2024

الحمد لله، أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفّق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبيّنا محمدا عبد الله ورسوله خير من علَّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلّم تسليما مزيدا ثم أما بعد، إن من يتكلم في أمر بعيد عن قال الله تعالي، أو قال رسوله صلي الله عليه وسلم، أو قال العلماء، فهذه فتاوى لقيطة لا نحتاج إلى أن ننشرها ولا أن نحركها من مكانها، فاذكر الخير فينتشر ودع الشر فيندثر، وإن التشدد في التحريم ليس منهج السلف، وإنه يعتقد البعض أن الشيخ فلان الذي يحرم على طول الخط هذاعلى منهج السلف ما شاء الله عليه كل شيء عنده حرام، والاحتياط، والورع، وكذا، وكذا. 

وهذا ليس صحيح، العلماء قالوا، إن المبالغة في سد الذرائع كالمبالغة في فتحها، والحلال والحرام قضية فيها وضوح وقطعيات في الشرع، فاذا لم يتضح الأمر عند الفقيه المجتهد، فليسعه ما وسع العلماء من قبله الإمام أحمد كان يقول لا أحبه لا استحسنه هذا الأمر أكرهه، وهكذا تورع أن يقول إن هذا حرام على سبيل القطع، فإن هناك أمور ظنية، وأمور تخضع للأعراف أو للرؤية الشخصية، لا ينبغي أن نحولها إلى دين فلما يأتي مثلا مجتهد أسهل ما عليه كلمة حرام، نقول له ما قاله سفيان الثورى " التشديد يحسنه كل أحد إنما الرخصة من ثقة" فإن التشديد سهل وكلمة حرام ما أسهلها، لكن في فتاوى اجتهادية، ووقائع أعيان وأمور جدت، فإن الشافعي في مصر، غير شافعي العراق، غير شافعي كندا، الأحوال تتغير، والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان.

وهذا التغيير ليس تمييع للدين، كما يظن البعض إنما هو فقه للدليل وفقه للواقع الذي تسقط عليه الدليل، وأما عن فقه الدليل وفقه الواقع، فهو في مسائل إذا سألت عليها عالم في بلد عن مسائل في بلد آخر إذا أفتى سيفتى بها على وجه غير صحيح لأنه فقه الدليل لكنه لم يفقه الواقع، وهذه مسألة مهمة جدا إسقاط الدليل على الواقع شيء هام ، إنما فصل الدليل عن الواقع، والفتوى العامة لكل الناس، هذه مسألة تحتاج لمراجعة، ولاحظوا أن الأحكام القطعية لا مجال للاجتهاد فيها إنما الاجتهاد في فهمها، وإن المسائل التي جدت تحتاج الى ربط بالشرع من خلال فهمٍ للدليل وفهم للواقع، وهذا كلام ابن القيم ذكره قديما في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين، فإن هذا العلم دين والإمام مالك رحمة الله عليه كان يقول" إن هذا العلم دين فانظرواعمن تأخذوا دينكم" 

وهذا يتبين عندما يذهب شخص لطبيب فإنه يحتاط أن يكون طبيبا ذا خبرة متمكنا في عمله، لأنها سلامة لبدنه فما بالنا لا نطلب السلامة لديننا، فقضية التشديد ليست هي منهج السلف، وليس كل من تشدد فهو سلفي ومن تساهل فهو تلفي، لا فإن التشديد ليس سمة من سمات الشرع، والرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدا إلا غلبه" وأيضا التمييع ليس منهج في الشريعة، تمييع الأمور، المنطقة الرمادية، أن تجعل القطعيات واليقينيات في مرتبة الظنيات أو مرتبة الاجتهاد مثل قضية ميراث المرأة وهذه لا تحتاج إلى تمييع هذا نص قطعي الثبوت في كتاب الله قطعي الدلالة، فهنا نقول بأن الفتوى لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء، أما الأقوال المرسلة والأقوال من أجل الجدال أو للتشدد أوللتمييع. 

فكل هذه ينبغي أن نضعها في مكانها الصحيح، وإن من أعظم أسباب الشقاء والدمار، ومن أخطر ما يوصل الإنسان إلى النار ومما يجلب للعبد سخط الجبار أكل المال الحرام، فيقول الله تعالى " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا" ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرّم عليه الجنة" فقال له رجل وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم "وإن كان قضيبا من أراك" رواه مسلم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.