رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 19 مايو 2024 8:47 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الناظر في الكون وآفاقه

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 6 مايو 2024

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه واشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد إن التأمل في مطلع الشمس ومغيبها، والتأمل في الظل الممدود ينقص بلطف ويزيد، والتأمل في الخضم الزاخر والعين الوافرة الفوّارة والنبع الروي، والتأمل في النبتة النامية والبرعم الناعم والزهرة المتفتحة والحصيد الهشيم، والتأمل في الطائر السابح في الفضاء والسمك السابح في الماء والدود السارب والنمل الدائب، والتأمل في صبح أو مساء في هدأة الليل أو في حركة النهار، إن التأمل في كل ذلك يحرك القلب لهذا الخلق العجيب، ويشعر العبد بعظمة الخالق تبارك وتعالي. 

وإن الناظر في الكون وآفاقه يشعر بجلال الله وعظمته، الكون كلّه عاليه ودانيه، صامتة وناطقه، أحياؤه وجماداته، كلها خاضع لأمر الله تعالي، منقاد لتدبيره، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده، وهذه المجرات المنطلقة، والكواكب التي تزحم الفضاء وتخترق عباب السماء، معلقة لا تسقط، سائرة لا تقف، لا تزيغ ولا تصطدم، فمن الذي سيّر أفلاكها؟ ومن الذي نظّم مسارها وأشرف على مدارها؟ ومن أمسك أجرامها ودبّر أمرها؟ فهو اللج جل وعلا، وإن الله تبارك وتعالى خلق كل شيء فقدره تقديرا، وهذا وضع الشمس أمام الأرض مثلا، ثم على مسافة معينة، لو نقصت فازداد قربها من الأرض لأحرقتها، ولو بعدت المسافة لعمّ الجليد والصقيع وجه الأرض وهلك الزرع والضرع. 

فمن الذي أقامها في مكانها ذاك وقدر بعدها لننعم بحرارة مناسبة تستمر معها الحياة والأحياء؟ فهو الله سبحانه وتعالي، وإن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها ولا تؤدي مفعولها إلا للقلوب الذاكرة الحية، القلوب المؤمنة، تلك التي تنظر في الكون بعين التأمل والتدبر، تلك التي تعمل بصائرها وأبصارها وأسماعها وعقولها، ولا تقف عند حدود النظر المشهود البادي للعيان، لتنتفع بآيات الله في الكون، أما الكفار، فهم عمي البصائر غلف القلوب متحجرو العقول، إنهم لا يتبصرون الآيات وهم يبصرونها، ولا يفقهون حكمتها وهم يتقلبون فيها، فأنى لهم أن ينتفعوا بها؟ وكذا بعض طرق البحث العلمي لن تؤتي ثمارها في معزل عن الإيمان بقطع الصلة بين الخلق والخالق، فهذه الحضارة الحديثة. 

وإن شع بريقها فظهرت أنها تكشف الآيات العظيمة، ثم تقف حيث يجب أن تنطلق، تظهر الأسباب وتسدل الستار على رب الأسباب، وكأنه لا وجود له، أو لا عمل له، وكأن هذه الأسباب التي يفسرون بها حصول الكسوف والخسوف والزلازل والبراكين ونزول الأمطار وغيرها كأن هذه الأسباب هي الفاعل الحقيقي، وما عداها وهم، وهذا ضلال بعيد، أما المنهج الإيماني فإنه لا ينقص شيئا من ثمار البحث العلمي، لكنه يزيد عليه بربط هذه الحقائق بخالقها وموجدها ومدبرها ومصرفها، ليقدر العباد ربهم حق قدره، وليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا يتوجه بخوف أو رجاء إلا إليه، ولا يخشى إلا هو، ولا يذل إلا له، ولا يطمع إلا في رحمته.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.