رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 19 أبريل 2024 10:00 ص توقيت القاهرة

الدكروى يكتب عن أمراض القلوب " الجزء العاشر "

إعداد / محمـــد الدكـــرورى ونكمل الجزء العاشر مع أمراض القلوب، وإن من القلوب هو القلب المنكر، وقد وصف الله عز وجل القلب بقوله تعالى كما جاء فى سورة النحل " فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون" وقال المفسرون في القلوب المنكرة إنها التي لا تقبل الوعظ، ولا ينجع فيها الذكر، فهم مستكبرون عن عبادة الله، مع إنكار قلوبهم لتوحيده، والمقصود أن القلب يتصف بالإنكار الناتج عن الكبر والحسد، لا لأجل شبهة أو إشكال، بل هي النفرة عن الرجوع إلى الحق، وهو أعلى درجة من القلب المغمور وأدنى درجة من الاشمئزاز، وكذلك اشمئزاز القلب وقد نسب الاشمئزاز إلى القلب في كتاب الله، فقال تعالى فى سورة الزمر " وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون" والاشمئزاز هو الانقباض، حالة تمر على القلب فيمتلئ غيظا وغمّا يظهر أثره على الجوارح، كما يشاهد في وجه العابس المحزون، يعني إذا سار القلب في مراحل الموت لا يسمع التوحيد. إلا وظهرت آثار النفرة على وجهه، وهذه مرحلة خطرة، وأيضا فإن هناك أكنة القلب، وأكنة القلب أو القلوب المكننة، نسب إلى القلب في القرآن الكريم في أربعة مواضع كما في قوله تعالى فى سورة الأنعام " جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا" ومثلها في سورة الإسراء وفي سورة الكهف وفي فصلت، ويقال أكننته في نفسي، أى أسررته، والأكنة هى الأغطية، ومنه قوله تعالى فى سورة الأنعام " جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه " أى جعلنا على قلوبهم أغطية وغشاوة، مجازاة على كفرهم، ومنعنا الإيمان من أن يدخل قلوبهم وأسماعهم، ويعني مغاليق التفقه مقفلة عليه، وأبواب السمع مؤصدة، وغلاف الإدراك لا ينفذ إليه شيء، وهو أدنى درجة من الارتياب، وأيضا القلب المرتاب، وقد نسب الريب إلى القلب في مواضع متعددة، في مثل قوله تعالى كما جاء فى سورة التوبة " إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم فى ريبهم يترددون" فالريب مرحلة متقدمة نحو الموت، فهو أعلى حالة المرض للقلب. فريب القلب هو وجود شيء واحد فقط، وهو جانب الكره، وهو ما تمكن في القلب واستولى عليه ولهذا نفاه الله عن المؤمنين، فقال الله تعالى فى سورة الحجرات " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون" والريبة تأكل القلب كما تأكل النار الحطب، وتميته تقطيعا، أو لا تزايله حتى تميته، وكذلك تقطيع القلب، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة التوبة " لا يزالون بنيانهم الذى بنوا ريبة فى قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم" وذكر بعض المفسرين أن القطع في القرآن على أحد عشر وجها، وأوصلها الفيروزابادي إلى اثني عشر وجها، منها زوال الرجاء والأمل، كما في قول الله تعالى " أى يئسوا مما رجوا، وهناك تقطيع ذو مراحل فهو موت أجزاء القلب، فبحسب تفاوت المعصية يتفاوت الغطاء الذى يغشي القلب، حي لا يعي شيئا، ويسمى غلافا، ويوصم به القلب، فيقال قلب أغلف، وأغلفة القلب قد وردت في القرآن الكريم مرتين، وقال ابن عباس رضي الله عنهما. في معنى قوله تعالى " وقالوا قلوبنا غلف" أى في أكنة، وفي رواية أى لا تفقه، وفي أخرى هي القلوب المطبوع عليها، وأيضا إشراب القلب، وقد وُصف القلب بالإشراب، فيقال أشرب فلان حب فلانة أي خالط قلبه، وأشرب قلبه محبة هذا أي حل محل الشراب، فمعنى الآية أنه داخلهم حب العجل، ورسخ في قلوبهم صورته لفرط شغفهم به، كما داخل الصبغ الثوب، وأيضا الإسلاك في القلب، والسّلك هو مصدر سلك الشيء في الشيء فانسلك أي أدخلته فيه فدخل، وهذه الكلمة قد وردت في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرة، وارتبطت بالقلب في موضعين الأول في سورة الحجر، والثاني في وصف القرآن في الشعراء، أى سلك الله التكذيب في قلوب المجرمين الذين عاندوا واستكبروا عن اتباع الهدى، وكذلك صرف القلب ما دام العبد لا يرعى حقوق الله، ولا يرتدع عن غيه، سيصرف الله قلبه عن الإيمان وعن طريق الهداية جزاء سلوكه، فلا يؤمن بالآيات، وإنما يميل إلى الشهوات والرغبات، ويغفل عن منافع الدنيا والآخرة. وإن هناك القلب الأعمى، فكما يفقد البصر قوته الباصرة، فالذنوب إذا توالت على العبد طمست من القلب تعقله، وحجبت عنه نور الإيمانِ الذى هو حياة القلوب، وأيضا الران على القلب فالذنب على الذنب مع الإصرار وسوء الأدب، لا بد أن يكسب الإنسان حالة أكبر من أن تنجلي عن قلبه، فهو حالة من حالات مراحل القلب الميت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن العبد إذا أخطأ خطيئةً، نكتت في قلبه نكتة، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها، حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكره الله تعالى" فقال الله تعالى كما جاء فى سورة المطففين" كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" وأيضا القفل على القلب، أى أقفل الله عز وجل عليهم، فهم لا يعقلون لأنهم لم يتفهموا القرآن، وكذلك الطبع على القلب، فيخبرهم عز وجل بمقت الله تعالى ومقت المؤمنين لمن يجادل في آيات الله بغير حجة وبرهان، وإنما هو التجبر والتكبر، فعاقبته الطبع على قلبه، وكذلك ختم القلب وقد عبّر القرآن الكريم عن موت القلب.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.