رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 3 مايو 2024 5:39 م توقيت القاهرة

تامر جلهوم يكتب : الكرامة تحت خط الإنسانية

بقلم : تامر جلهوم .. الكاتب والمخرج

كرامة الإنسان هي قيمة الإنسان كونه إنسان بغض النظر عن أصله وجنسه وعمره وحالته فهى تعد من أهم الأسس التي تقوم عليها حقوق الإنسان وتعد منبع القوانين العادلة في دولة القانون فهي المبدأ الرئيسي الذي نفهم من خلاله مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة والدساتير تثبت دولة القانون فالكرامة في دستورها هى أن تمر القوانين من تحت سقفها فتبقى أسمى من أن يعلو عليها شيء ومن هذا المنطلق تحمي القوانين كرامة الإنسان دون أي مقابل فالكرامة حق طبيعي وقيمة مجردة تولد مع تشكل الإنسان وتبقى معه حتى موته والكرامة إذاً مفهوم لا علاقة له بما يقدمه الإنسان أو بحالة الإنسان أي كرامة السجين المجرم تعادل كرامة أي إنسان آخروهنا تنفصل الكرامة الإنسانية عن الفكرة القائمة على أن الكرامة الإنسانية هي التمييز بين الإنسان والكائنات الأخرى إذ لا علاقة لهذه بتلك وتنفصل أيضا عن الإعتقاد بإرتباط الكرامة بالأعمال ونوعها فالكرامة لا تمنح ولا تصير من خلال الأعمال أو الحالة . لذلك فإن كرامة ملك مملكة أو عالم الفيزياء أو طبيب أو فلاح أو عامل في مصنع هي نفسها وهي قيمتهم كبشر متساوون أمام قانون عادل.

فمنذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وحباه بالتكريم «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» الإسراء 70.

وعندما خلق الله سبحانه وتعالى آدم أمر الملائكة أن تسجد له «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوْا لآِدَمَ» البقرة 34.

وقد جعل الله الإنسان بمثابة خليفة له على الأرض «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة» البقرة 30.

كل ذلك كان مظاهر تكريم الله للإنسان وإحترامه له وتفضيله على كل المخلوقات التي تشاركه العيش على سطح هذه الأرض فلابد أن تصان هذه الكرامة وتحفظ له هذه المنزلةكما منح الإنسان الحرية الشخصية فالبشر يولدون أحراراً ومنحه حرية التعبير وغيرها من أنواع الحريات كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ((لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً)). فلم يسمح للإنسان بأن يتنازل عن حريته مهما كانت الأسباب ولا أن يصادر حريات الآخرين ففي الكثير من الأوقات توقفنا الأيام في لحظاتها الحاسمة أمام بوابة الإختيار تجردنا فيها من أشياء كثيرة قدتحد من عزيمتنا في الإنقضاض فترخيها أو يكون في تجريدها هذا إطلاقاً مطلقاً لعزائمنا في حرية قد نجهل حقيقتها ونخشى من مغبة نهاياتها ولكنها الأيام وكما هي عادتها تضطرنا وتفاجئنا بجديدها وتجبرنا على خياراتها الثلاثية إما القبول والترحيب أو الرفض مع التصميم أو الإستسلام والإنهزام وفي هذه اللحظات بالضبط نعرف معنى التنازل.

ولكن عن أي شيء تراه يكون تنازلنا؟

وإلى أي درجة يكون ذلك التنازل محزناً أو أليماً أو حتى محرضاً على الإنتقام؟ أنه لا يكون كذلك إلا عندما يجبر الإنسان على التنازل عن شيء من كرامته.

وعن أي الكرامات نتحدث فكرامة الإنسان في الصين قد تختلف عن ذلك الذي في الدول الأوروبية أو ذلك الذي في الهند أو أحدى الدول العربية بل أنها تختلف بين المرأة والرجل في مراحل عمرهما المختلفة.

فما قد يراه الإنسان جارحاً ومهيناً لكرامته في يوم من الأيام قد يكون أمراً عادياً ومألوفاً بعد أن تعوده على ذلك الأيام.

قد يضطر الإنسان للتنازل عن شيء من كرامته في حالات مختلفة في حالات الخوف أو الضعف وعند الحاجة أو الإحتياج والفقر أو بسبب الطمع والجشع وربما من أجل الحب أو رغبة بالتمسك بآخر أوصال العشرة أو الصداقة ولتحقيق الهدف أو المصلحة حتى طلب العلم قد يتنازل الإنسان فيه عن بعض من كرامته ليحصل على مراده.

فلا يوجد في هذه الأرض من لم يتنازل عن شيء من كرامته حتى الملوك سجل لنا التاريخ تنازلات كثيرة لهم إضطروا لها إما حفاظاً على عروشهم وسلطانهم أو ضماناً لسلامة شعبهم وأمنه.

ففيما تكون كرامة الإنسان؟ ولماذا هي كلمة تمس كل وجداننا وتهز كياننا وربما تزلزله وهي قيمة متغيرة تتغير مع أحواله وأوضاعه وسنين عمره المكتسبة أو تلك المسروقة!

فلو راجع الإنسان سجل حياته وعاد بنفسه للوراء لرأى العجب من نفسه وممن هم حوله فما كان يستثير كرامته ويقلق منامه ويوجع قلبه في سابق الأيام قد يراه الآن أمراً مستساغاً وطبيعياً لا يستثير أي عاطفة منه ولا يؤرق نومه.

وما قد كان مألوفاً عليه وطبيعياً متماشياً مع وجدانه وكيانه أصبح الآن أمراً مثيراً مستفزاً لكل شعره فيه ومؤلماً لكل جزء من جسمه.

يقول ابن الأحنف في الفقر

يمشي الفقير وكل شيء ضــده والناس تغلق دونه أبوابها

وتراه مبغوضاً وليس بمذنـب ويري العداوة لا يرى أسبابها

حتي الكلاب إذا رأت ذا ثروة خضعت لديه وحركت أذنابها

وإذا رأت يوما فقير عابــــرا نبحت عليه وكشرت أنيابها

ويقول جبران خليل جبران رأيت الفقراء المساكين يزرعون والأغنياء الأقوياء يحصدون ويأكلون والظلم واقف هناك والناس يدعونه الشريعة.

فكيف يعقل أن نرى مثل هؤلاء الفقراء في دولة تدعي أنها دولة الحق و القانون ! فأين حق هذا الإنسان في العيش الكريم و أين هو القانون الذي يحمي أمثال هؤلاء المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة فنحن في دولة سالبة لأبسط الحقوق ! وغير مبالية بالإنسانية فأننى يخيل لى عزيزى القارىء أن أتسأل

أين هى الكرامة وأين هى الإنسانية ؟؟؟!!

وليبقى ذلك السؤال حائراً في أعماق كل واحد منا أين يمكن أن تتوحد كرامة الإنسان؟

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.