بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحابته والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو يقارن بين الحسنة والسيئة "إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وقوة في البدن وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق" أما في الآخرة فإن هذه السيئة قد كتبت على صاحبها، وسيجد جزاءها وسوء عاقبتها يوم الجزاء والحساب، فيقول الله عز وجل " يوم تجد كل نفس ما عملت من خيرا محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا" وكما يقول الله عز وجل " يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شئ شهيد"
ويوم يقول المجرمون وهم خائفون نادمون، كما قال الله تعالى فى كتابه العزيز " يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا" ولقد وجدوا ما عملته أيديهم، وإقترفته جوارحهم، ولا يظلم ربك أحدا، وهذا هو حال العاصي مع ذنوبه إلا إذا أسعفه الله تعالى بتوبة صادقة نصوح، وقد صدق القائل عندما قال إن أهنأ عيشة قضيتها ذهبت لذتها، والإثم حلّ فالبر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت، وماذا يغني عن الإنسان تلذذه بالمعصية في هذه الدنيا، ثم يكون مآله إلى جهنم في الآخرة، فيقول الله تعالى عن الكفار وأشباههم من عصاة المسلمين " أفرأيت إن متعناهم سنين" أى مدة حياتهم في هذه الدنيا، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون أى الموت وما بعده من حساب وعذاب، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون.
وقال الله تعالى " ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون" أي سيعلمون مصيرهم الأسود، وسيندمون ولات ساعة مندم، وكما قال الله تعالى فى كتابه العزيز " فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هى المأوى" وروى الإمام مسلم عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أنه قال "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ فى النار صبغة" أى يغمس فيها غمسة واحدة، ثم يقال يا ابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول لا والله يا رب، ما رأيت خيرا قط، ولا مر بي نعيم قط، بغمسة واحدة في العذاب نسي كل ما كان يتمتع به في هذه الدنيا من شهوات ولذائذ محرمة، فما حاله يا ترى إذا كان مخلدا في نار جهنم، التى يقال عنها " لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" ويقول الله تعالى " كلما خبت زدناهم سعيرا"
ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم " ويؤتى بأبأس أهل الدنيا من أهل الجنة يوم القيامة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يارب، ما مرّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط" وهذا بصبغة واحدة في النعيم نسي كل ما كان يعانيه في هذه الدنيا من بأس وشدة وبلاء، فانظر أيها المسلم من أي الفريقين أنت؟ وإعلم أن الجزاء من جنس العمل، وأنه على قدر عملك في هذه الدار تكون منزلتك في دار القرار، فيقول الله تعالى " ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون" وكما يقول تعالى " من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد"
إضافة تعليق جديد