رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 1 أبريل 2025 9:00 ص توقيت القاهرة

عندما يتمرد البعض على الحياة بغبائهم

بقلمي جمال القاضي
( قصة وعبرة )
بين الواقع والخيال

يحكى ان  رجل كان يمتلك مزرعة محدودة يرعى مواشيه فيها ويزرع ويحصد ويستعين بحمارة في عمليات الخدمة البسيطة من نقل المحصول وحرث وكل مايتطلبه المحصول من خدمة، وكان بجواره رجل غني يمتلك الكثير من الاراضي ويمتلك استطبلا بداخله احصنة وحميرا كثيرة، لكنه كان يستخدمها للترفيه والسير بها حول مزرعته، فكان حمار الفقير ينظر لحمار الغني وماعليه من راحة فكان يعاند هذا الفقير وكلما حمل عليه حملاً بسيطاً ركض مسرعاً من تحته فيقلبه على الارض من فوق ظهره، 

هذه الحمير والاحصنة اصابها المرض وكان على الغني ان يكلف احد عماله بتنظيف هذه الحيوانات وغسلها جيدا بالمنظفات، وكان حمار الفقير كلما رآى ذلك يجن جنونه ويتعجب لما يُفعل في حيوانات الغني من غسيل وتنظيف واصبح حاقدا عليهم نادبا حظه في الحياة، ويقول ماذا لو كنت مكان هذه الحمير واصبحت مثلهم حتى استريح واعيش مثلهم في رفاهية ؟ لكن يأتي الليل وينام  وكان حين يرى الشمس قد اضاءت المكان  ويصدر صوته نهيقا ليفيق حيوانات الغني ويزعجها من نومها حتى يراهم والعامل ينظفهم كما يراهم كل يوم وكلما رأى ذلك يصبح الصباح متمردا اكثر من اليوم الذي كان قبله، 

ومع كثرة تمرد هذا الحمار راح الفقير يحمل وينقل مايريد نقله فوق كتفه بعيدا عن الحمار المتمرد العنيد، وفي يوم من الأيام جلس الفقير اما التلفاز ليستريح في وقت الظهيرة وهو يستمع لنشرة الأخبار فسمع خبراً ازعجه كثيراً وهو ان على سكان هذه القرى سرعة مغادرتها نظرا لرصد بركان قد يثور غدا او بعد غد وسوف يدمر هذه القرى تماما ، فنهض الفقير ليحمل حيواناته البسيطة من حمار وبقرة ومعهم افراد اسرته قاصدا البحر القريب منه ليعبر من خلال سفينة الى منطقة اكثر امان بعيداً عن هذا البركان وهي احدى القرى التي بها احد اقاربه   وفعلا ركب الجميع وصاروا بعرض  البحر وفي الطريق قد اوشك الوقود على النفاذ وكانت الرحلة طويلة فاخبرهم قائد السفينة باننا سوف نستريح قرب هذه الغابة لساعة واحدة لكن بجوار جزيرة تبعد قليلا عن الغابة وعلى الجميع عدم الاقتراب من الغابة لما فيها من حيوانات شرسة ومفترسة، 

توقفت السفينة وكان الوقت ليلا وبه ضوءا خافتا يدل على ان القمر اوشك ان يشرق، نظر الحمار يمينا وشمالا واخذ يتجول ويتفقد صاحبه ومن بالسفينة جميعا فوجدهم نائمون، حدثته نفسه ووسوسات شيطانه قائلا: لقد جائتني الفرصة الآن وهذه فرصة لاتعوض وهذه ارض فضاء وسوف اهرب اليها سريعا، ستصبح هذه الساحة الواسعة ملك لي لااحد اراه فيها ينازعني، سأصبح غنياً واملك كل شيء فيها واصبح انا ملكاً عليها،  بدأ يتسلل ويهرب من السفينة وقد كان هروبه، قال الآن قد نجوت بنفسي من هذا الفقير الغبي وعمله الشاق سانطلق بحريتي في هذه البرية والغابة الواسعة من اليوم اصبحت كلها وكل مافيها ملكي وانا هنا الملك وصرت غنياً من اليوم، نظر بعينيه فرأى السفينة قد تحركت بعيداً ولم يعد احداً  على الجزيرة وهذه محطة الوقود البعيدة  يلتفت او يشعر بغيابي  ولايستطيع احد بعد اليوم  ان يعرف مكاني . 

جلس الحمار ليستريح على حافة الغابة تحت شجرة ضخمة كثيفة الفروع، راح في نوم عميق يرسم معه احلامه الكثيرة، لكنه شعر بشي يهز برأسه ويداعب اذنه، مما جعله يفيق من هذا النوم، ليفتح عينيه وينظر فيجد حيواناً ضخماً قوي البنيان، لم يراه من قبل فهو لم يتعود رؤية مثل هذه الحيوانات، جلس بجانبه وراح يسأله من انت فحكى له الحمار قصته رد الاسد قائلا لقد نجوت، قال له الحمار ومن انت رد الأسد قائلا انا ملك الغابة، انا الاسد، ومن تكون ايها الاسد لقد صرت انا المالك للغابة بعد اليوم، قال تعالى معي لتتعرف اولا على عائلتي ونستضيفك ونقدم لك واجب الضيافه فعندنا الكثير من الوجبات سوف تتمتع بها في ضيافتنا ثم بعد ذلك سنوليك علينا ملكا ولك ماتريد، 

ذهب الاسد امام الحمار وراح الحمار من وراء دون تفكير ويحدث نفسه ويقول سأعيش اجمل ايام حياتي، بعد دقائق سأصبح ملكا لهذه الغابه وهو في طريقه يرى جميع الحيوانات كلما رأت الأسد تفر هاربة منه، يظن الحمار فرحا ان هروبهم من امامه والأسد خوفا منه ويقول اذا كان هروبهم مني ولم يعلموا انني انا ملك الغابة فماذا يكون حالهم بعد ان اصبح الملك .

لحظات ووصل الاسد وصار يصدر زئيرا فاجتمعت كل الاسود ليلتفوا حول الحمار ويرقص الحمار فرحا لهذا الجمع، لكن يقول الاسد الذي كان بضيافته لقد اتيت بك حيا لليتمتع رفقائي بلحمك طازجا فنحن نسعى كل يوم من اجل البحث عن فريستنا وكنت انت فريستنا اليوم بغبائك، هلموا ايها الأسود وتقدموا وتعالوا جميعا  نقتسم فريستنا، فاجتمع الجمع وصارت انيابهم كلما تغرس في لحمه تنزف دموعه قائلا لنفسه وهو يلتقط انفاسه الآخيرة  لقد نجوت من الفقير رغم بساطة عملي معه لاهرب الى هذا القدر  بغبائي ولو كان الرضا على حالى ماكان هذا هو الآن مكاني .

هكذا البشر
كل انسان خلقه الله لعمل جعله كدور يقوم به في هذه الحياة مهما كان شاقاً فان الله سهله عليه وسخره له وجعل معه صبرا وقوة تحمله على قضاءه، لكن اذا تمرد الانسان عن ماخُلق من اجله فانه سيصبح فريسة للحياه تسلط مافيها عليه من مفتسرات للقوة فيصبح ضعيفا، او مفترسات للنعم فتزول من بين يديه، او مفترسات للراحة فيصبح متعبا لتهلك كلها حياته، فلاتنظر لرفاهية غني فلاتعلم ماتم اخذه منه مقابل هذا الغنى، ربما اخذ منه راحة البال، ربما اعطاه مرضاً مقابل هذا المال واعطاك انت القوة مقابل فقدان المال منك، ربما كان الفقدان في ولد يعق والديه وربما كنت انت في نعمة لولد بار وصالح ينسيك هموم الدنيا، فلا تذهب باحلامك بعيداً فان ماانت فيه هو كان لك من الله صالحا وخيراً عن حلم  كنت تتمناه  ان يتحقق يوماً ولايتحقق وتصبح هارباً من حالك حاقداً على حال غيرك فتصير كهذا الذي هرب من عمله بحلم وامنية كانت فيهما نهايته، فالقناعة والرضى والقوة اجمل من غنى يسكنه علة وسخط

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.