رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 17 مايو 2024 4:53 ص توقيت القاهرة

محمد عبدالعظيم يكتب " الرسول متواضعا "

الحمد لله رب العالمين، لايسأم من كثرة السؤال والطلب سبحانه، إذا سئل أعطى وأجاب  وإذا لم يسأل غضب.

يعطى الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطى الدين إلا لمن أحب ورغب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وإليه المنقلب، و هو المالك، وهو الملك، يحكم ما يريد فلا تعقيب ولا عجب.
وأشهد أن خاتم المرسلين، هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، نطق بأفصح الكلام، وجاء بأعدل الأحكام وما قرأ ولا كتب.

"هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ"
هكذا كان رد النبي صلى الله عليه وسلم، حين جاءه رجل يكلمه، فجعل ترتعد فرائصه، مطمئنا له. 

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، أعظم الناس تواضعاً ولقد مدح الله المتواضعين فقال﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ الفرقان63، أي يمشون في سكينة ووقار متواضعين غير أشرين ولا متكبرين، فهم علماء، حلماء، وأصحاب وقار .
والتواضع صفة من صفات المؤمنين، كما حكى الله تعالى عن سليمان عليه السلام عندما رأى نعمة الله عليه في تعليمه كلام الحيوان، فقال (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) ( النمل: 40 ) فلم يأخذه الكبر والغرور وبعكسه قارون الذي افتخر بغناه على خلق الله وقال ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي )، ( القصص: 78 )، فكان مبغوضاً عند الله ( إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ )، ( القصص: 76 ) أي : فرح الكِبر.
و اتصف صلى الله عليه وسلم بالتواضُعِ، وخَفْضِ الجناح، ولين الجانب؛ امتثالاً لأمر الله -تعالى-: (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) الحجر: 88.وقوله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ) الشعراء: 214-215.
وأوصاه بذلك جبريل عليه السلام فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه  « جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ ، قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ ، أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ، أَوْ عَبْدًا رَسُولًا ؟ قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ . قَالَ: " بَلْ عَبْدًا رَسُولًا » .رواه احمد فى مسنده
ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام: أنه كَرِهَ أن يُفضَّلَ على الأنبياءِ -عليهم السلام- مع أنه سيدُهُم وخاتَمُهم وأفضلُهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى"البخارى ومسلم  ولما قال له رجل: يا خير البرية، قال صلى الله عليه وسلم: "ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام " رواه مسلم
ويعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التواضع قولا وعملا فكان يمر بالصبيان فيسلم عليهم، وتأخذ بيده الأمة فتنطلق به حيث شاءت، وكان في بيته في خدمة أهله، ولم يكن ينتقم لنفسه قط، وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله، ويعلف البعير، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء، فكان متواضعاً من غير ذلة رقيق القلب رحيماً بكل مسلم خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم.
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم : أن رجلاً كان يَقمُّ المسجد أو امرأة سوداء، فماتت أو مات ليلاً، فدفنه الصحابة، ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم أو فقده، فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات، قال: «أفلا كنتم آذنتموني» فكأنهم صغَّروا أمرها أو أمره، فقال: «دلُّوني على قبرها» فدلوه فصلى عليها ثم قال: «إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم»رواه مسلم.
وقال أنس بن مالك رضى الله عنه : ( خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفٍّ قط، وما قال لشيء صنعته لم صنعته؟ ولا لشيء تركته لم تركته؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقاً ) رواه البخارى.
ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام: أنه كان يكره أن يقوم الناس له كما هو شأن أهل الدنيا، قال أنس -رضي الله عنه-: (ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم رؤيةً من رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيتِهِ لذلك) .
ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام: أنه يجيب دعوة من دعاه ولو كان فقيرا، ويقبل من الطعام ما كان يسيرا، وما كان يرفض دعوة يراها أقلَّ من حقه، كما هو حال كثير من الوجهاء والأغنياء.بل قال صلى الله عليه وسلم: "لو دعيتُ إلى ذراعٍ أو كُرَاعٍ لأجبت، ولو أُهديَ إليَّ ذراعٌ أو كُرَاعٌ لقبِلت"رواه البخارى. وخص الذراع والكراع بالذكر ليجمع بين الحقير وذو القيمة ، لأن الذراع كانت أحب إليه من غيرها والكراع لا قيمة له.وكان صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه -رضي الله عنهم- على ذلك، فيقول لهم: "إذا دعيتم إلى كُراع فأجيبوا"
كان صلى الله عليه وسلم لا يرد أحدًا قصَدَهُ في حاجة وإن كان به ما به عن أنس -رضي الله عنه-: أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة؟ فقال: "يَا أُمَّ فُلاَنٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِىَ لَكِ حَاجَتَكِ".فَخَلاَ مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.رواه البخارى
وتعلَّم منه أصحابه رضي الله عنهم هذا التواضع ، حتى ضربوا لنا أروع الأمثلة فيه ؛ فأبو بكر رضى الله عنه خير الناس بعد رسول الله e كان يقول:" وددت أني شعرة في جنب عبدٍ مؤمن". وربما سقط الخطام من يده ، فلا يطلب من أحد أن يعطيه إياه ، بل ينزل عن الناقة ويأخذه .
وكان عمر رضى الله عنه يخطب وهو خليفة وعليه إزار فيه أثنتا عشرة رقعة . وموقفه في فتح بيت المقدس مشهور حين دخله وهو يمشي وغلامه راكب ، وكان وقتها يلبس إزاراً مرقعاً ، فاقترح عليه أبو عبيدة بن الجراح أن يغيِّر ثيابه ، فضرب في صدره ، وقال:" لو غيرك قالها ! لقد كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام ، فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله" .
وكان عثمان رضى الله عنه يقيل في المسجد وهو خليفة على الحصير . وكان علي رضى الله عنه يبيع سيفه في السوق ، ويقول: من يشتري مني هذا السيف، فوالذي فلق الحبة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله  ، ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته .
أسأل الله تعالى ان يعلمنا ما جهلنا ويجعلنا ممن يدلون عباده عليه وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.