رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 24 أبريل 2024 3:19 ص توقيت القاهرة

ميلاد فجر الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الخُلق العظيم هو الخير كله، وهو الإيمان، هو القرب من الله عز وجل، فينبغي أن نتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن نتبع سُنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف نتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم إن لم نعرفها؟ إذن طلب العلم طريق الفوز في الدنيا والآخرة، فإذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم" فكان الناس قديما على ملة أبينا آدم عليه الصلاة والسلام، فلما كثروا تفرقوا واختلفوا في الآراء، فأرسل الله سبحانه وتعالى إليهم رسله ليقوموهم بالقسط، وبدأ الله سبحانه وتعالى بنبيه نوح عليه أفضل الصلاة والسلام، وختمها بآخر الرسل والأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكان بذلك ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة كاملة، وميلاد فجر جديد ظهر للبشرية ليخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، ومن ظلم الأديان إلى عدالة الإسلام، ومن عبادة العباد. 

إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وقد ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من سلالة إسماعيل بن إبراهيم، فكان أكرم الناس نسبا، وأطيبهم مولدا، ولد في مكة المكرمة يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، وقيل أنه ولد في الثامن أو التاسع أو الثاني عشر من العام الذي أهلك الله فيه أصحاب الفيل، الذين أرادوا أن يهدموا الكعبة المشرفة، وكانت أمه صلى الله عليه وسلم هى السيدة آمنة بنت وهب، وأبيه عبدالله بن عبد المطلب، والذي مات في المدينة المنورة قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم وعند ولادته قيل إن أمه رأت نورا أضاءت به قصور بلاد الشام، ثم ماتت أمه آمنة في الأبواء على طريق المدينة المنورة وكان عمره لا يتجاوز الست سنوات، فكفله جده عبد المطلب ورباه في بيته، وبعد ذلك مات جده وهو في الثامنة من عمره، ليعيش عليه أفضل الصلاة والسلام يتيم الأبوين والجد، ولكن الله سبحانه وتعالى آواه ويسر له عمه أبا طالب. 

فرباه مع أولاده وأحسن تربيته وكفالته، وأحبه حبا شديدا، فبارك الله سبحانه وتعالى في ماله وحاله، بسبب تربيته لابن أخيه اليتيم صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم عانى في حياته، وعمل في الكثير من الأعمال حيث إنه اشتغل في رعاية الأغنام، ولا يوجد نبي من الأنبياء إلا وقد عمل في مهنة الرعي، وذلك ليعتادوا على الرعاية وحسن التصرف، كما اشتغل الرسول صلى الله عليه وسلم في التجارة واشتهر عند العرب بالصدق والأمانة، وحُسن المعاملة، وعندما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين من عمره تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها وكان عمرها يتجاوز الأربعين عاما، وقد عرفت السيدة خديجة بأنها من نساء العرب الشريفات، الموصفات بالمعرفة، والعقل، والحزم، والذكاء، ورزق منها النبي صلى الله عليه وسلم بأربع بنات واثنين من البنين.

وأولاد الرسول عليه الصلاة والسلام الذكور جميعهم من السيدة خديجة رضي الله عنها سوى إبراهيم فهو ولد السيدة مارية القبطية رضي الله عنها وأن أولاد الرسول صلى الله عليه وسلم جميعهم ماتوا في حياته سوى فاطمة رضي الله عنها والتي ماتت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، وفي السنة العاشرة من البعثة وقبل الهجرة بثلاث سنوات توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها، ولم يتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم عليها إلا بعد وفاتها، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم معظما عند قومه، ومتواجدا معهم في مهمات الأمور إذ إنه حضر معهم حلف الفضول الذي تعاقدوا به على درء المظالم، ورد الحقوق إلى أهلها، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حكما في نزاع زعماء قبيلة قريش حول وضع الحجر الأسود مكانه بعد أن هدمت الكعبة المشرفة، فاقترح عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يضع الحجر الأسود في ردائه. 

وقال لأربعة من زعماء قريش بأن يُمسك كل واحد منهم بجانب من الرداء، فحملوه حتى وصلوا به إلى المكان المطلوب، وبعدها أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيديه الكريمتين ووضع الحجر في مكانه، لينهي النزاع بحكمته وبعد نظره، وعندما بلغ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الأربعين من عمره جاءه الوحي، وأول ما بدء فيه الرؤيا الصادقة فكان صلى الله عليه وسلم لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وكان يحدث أهله بها ثم حُبب إليه الخلاء والجلوس وحيدا بعيدا عن الفوضى والازعاج ليتفكر في الكون، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى غار حراء الذي يقع على يمين الداخل إلى مكة المكرمة من طريق الشرائع ويجلس وحيدا لا يرافقه أحد، وكانت هذه عادة الصالحين من أجداده، يتعبد الله الأيام ذوات العدد، وفي يوم من الأيام وهو جالس في غار حراء يتعبد، نزل جبريل عليه السلام. 

وقال له "اقرأ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ، قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال لي اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال " اقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذى علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم" فعاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته يرتجف خائفا، ودخل على السيدة خديجة رضي الله عنها وأخبرها بِما حصل وقال لها "لقد خشيت على نفسي، فقالت كلا والله ما يخزيك الله أبدا فأنك واصلا لرحمك، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.