رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 19 مايو 2024 6:37 ص توقيت القاهرة

نماذج مشرفه تستحق ان تذكر قصتها

اعداد الكاتب سمير الشرنوبي

قام بتأليف 89 كتابًا، يتراوح بين القصة والرواية الصغيرة إلى الكتب العلمية والفلسفية والاجتماعية والسياسية إضافة إلى الفكر الديني و التصوف و مرورا بأدب الرحلات، ويتميز أسلوبه بالقوة والجاذبية والبساطة.

وقدم 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان)

حياة مصطفى محمود:
تخرج مصطفى محمود في كلية الطب متفوقًا، وعلى الرغم من احترافه الطب متخصصًا في جراحة المخ والأعصاب، فإنه كان نابغًا في الأدب منذ كان طالبًا، وكانت تنشر له القصص القصيرة في مجلة "روز اليوسف"، وقد عمل بها لفترة عقب تخرجه، مما دفعه لاحتراف الكتابة، وعندما أصدر الرئيس عبد الناصر قرارًا بمنع الجمع بين وظيفتين، كان مصطفى محمود وقتها يجمع بين عضوية نقابتي الأطباء والصحفيين، ولذا قرر الاستغناء عن عضوية نقابة الأطباء، وحرمان نفسه من ممارسة المهنة إلى الأبد، مفضلًا الانتماء إلى نقابة الصحفيين، والعمل كأديب ومفكر.

تاريخ مصطفى محمود الفكري:
عندما نبحر في عالم الدكتور المفكر مصطفى محمود تتلاقى أمواج كثيرة من الفكر والأدب، والفلسفة والتصوف والعلم، فهو رجل شغل الناس بأفكاره وآرائه التي ظهرت من خلال مؤلفاته، والتي تتراوح بين القصة والرواية والمسرحية، والمؤلفات العلمية والفلسفية والاجتماعية والسياسية وأدب الرحلات، فضلاً عن آلاف المقالات بالجرائد والمجلات المختلفة، و400 حلقة من برنامَجه التليفزيوني الشهير "العلم والإيمان".

قال الشاعر الراحل "كامل الشناوي" عن الدكتور مصطفى محمود: إذا كان مصطفى محمود قد ألحد فهو يلحد على سجادة الصلاة.

كان الدكتور مصطفى محمود يتصور أن العلم يمكن أن يجيب على كل شيء، وعندما خاب ظنه مع العلم أخذ يبحث في الأديان بدءًا من الديانات الأرضية مثل الزرادشتية والبوذية ثم انتقل إلى الأديان السماوية، ولم يجد في النهاية سوى القران الكريم.

بدأ مصطفى محمود حياته متفوقًا في الدراسة، حتى ضربه مدرسٌ للغة العربية؛ فاكتئب ورفض الذهاب إلى المدرسة ثلاث سنوات، وما إن رحل ذلك المدرس عن مدرسته، حتى عاد مصطفى وبدأت تظهر موهبته وتفوقه وحبه للعلم! وفي منزل والده أنشأ معملًا صغيرًا، أخذ يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية ليقتل بها الصراصير، ثم يقوم بتشريحها، وفيما بعد -حين التحق بكلية الطب- اشتُهر بـ"المشرحجي"، نظرًا لوقوفه طول اليوم أمام أجساد الموتى، طارحًا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما.

مصطفى محمود وبرنامج العلم والإيمان:
يروى مصطفى محمود أنه عندما عرض على التلفزيون مشروع برنامج العلم والإيمان, وافق التلفزيون راصدًا 30 جنيه للحلقة !، وبذلك فشل المشروع منذ بدايته إلا أن أحد رجال الأعمال علم بالموضوع فأنتج البرنامج على نفقته الخاصة ليصبح من أشهر البرامج التلفزيونية وأوسعها انتشارا على الإطلاق، لا زال الجميع يذكرون سهرة الاثنين الساعة التاسعة ومقدمة الناى الحزينة في البرنامج وافتتاحية مصطفى محمود (أهلا بيكم)! إلا أنه ككل الأشياء الجميلة كان لا بد من نهاية, للأسف هناك شخص ما أصدر قرارا برفع البرنامج من خريطة البرامج التليفزيونية!! وقال ابنه ادهم مصطفى محمود بعد ذلك أن القرار وقف البرنامج صدر من الرئاسة المصرية إلى وزير الإعلام آنذاك صفوت الشريف، بضغوط صهيونية.

مصطفى محمود ومعارك فكرية:
دخل مصطفى محمود في حياته عدة معارك، ووجهت إليه عدة اتهامات، أهمها:

- اتهام مُنتقِدة له بأن مواقفه السياسية متضاربة، تصل إلى حد التناقض في بعض المواقف، إلا أنه لا يرى ذلك، ويؤكد أنه ليس في موضع اتهام، وأنّ اعترافه بأنه كان على غير صواب في بعض مراحل حياته هو ضرب من ضروب الشجاعة والقدرة على نقد الذات، وهذا شيء يفتقر إليه الكثيرون ممن يصابون بالجحود والغرور، مما يصل بهم إلى عدم القدرة على مواجهة أنفسهم والاعتراف بأخطائهم.

- اشتهر بهجومه المتواصل على الصهيونية، ورأيه بأن اليهود وراء هذه الشبكة الأخطبوطية للفساد والإفساد في العالم كله، مما تسبب في لزوم وجود حارس على باب منزله منذ سنوات، بتكليف من وزارة الداخلية، لحراسته بعد التهديدات التي تلقاها، أو لعزله عن الحياة العامة كما رأى البعض!.

- نشر في مقالاته أفكارًا كثيرة كانت مثار جدل بين المثقفين، كدعوته إلى علم النفس القرآني، ويقصد به محاولة فهم النفس فهمًا جديدًا مؤسسًا على القرآن والسنة، وهي بمثابة محاولة للخروج بعلم نفس إسلامي جديد، ومثل تنبُئه بسقوط الحضارة الغربية وانهيار الرأسمالية وتوابعها دون أن يطلق المسلمون رصاصة واحدة، بسبب الترف والتخمة وعبادة الشهوات والغرق في الملذات، كحضارات كثيرة ذكرها لنا التاريخ.

وفي أحد حواراته اعتبر حياته هجرة مستمرة نحو إدراك الحياة والبحث عن الحقيقة، وكل كتاب قام بتأليفه هو محطة على طريق هذا السفر الطويل، وعلى الرغم من ذلك فهو -على حد تعبيره- مازال في بداية الطريق، وكل ما كتبه يعد في نظره بعيدا جدًا عن أحلامه، وبالتالي ابتعاده عن الحياة الاجتماعية لا يعني أنه أنجز المهمة، ولكنه يعترف بالضعف البشري.

كان مصطفى محمود يحتفظ لنفسه بجدول صارم في حياته، قائم على الزهد في الحياة والتأمل فيها، وهو دائمًا يقرأ كل شيء سواء أكان تفسيرًا أم نقدا ولا يلفت نظره اسم الكاتب فالمهم عنده موضوع الكتاب، حياته كلها كانت قراءة لدرجة أن ابنته "أمل" تقول: إنهم كانوا يظنون أنه غير موجود في المنزل بسبب اعتكافه على الكتب بالساعات والأيام، وازداد حبه للقراءة بعدما اعتزل التأليف بكل أنواعه، وكان لا يشاهد التليفزيون إلا لمتابعة الأخبار، وأصبحت عبارة "شيء مؤسف" تعليقه الوحيد على معظم ما يراه، وكان ميّالا إلى العزلة ويعترف بأنه فقد مَلـَكة الابتكار.

بعض أعمال الدكتور مصطفى محمود الأدبية:

الإسلام في خندق - زيارة للجنة و النار - عظماء الدنيا وعظماء الآخرة - علم نفس قرآني جديد - الإسلام السياسي والمعركة القادمة - المؤامرة الكبرى - عالم الأسرار - على حافة الانتحار - الله والإنسان - أكل العيش - رائحة الدم - إبليس - لغز الموت - رحلتي من الشك إلى الإيمان - لغز الحياة - رجل تحت الصفر -القرآن محاولة لفهم عصري - رايت الله .

توفى الدكتور مصطفى محمود قي الساعة السابعة والنصف من صباح السبت 31 أكتوبر 2009م الموافق 12 ذو القعدة 1430هـ، بعد رحلة علاج استمرت عدة شهور عن عمر ناهز 88 عاما، وقد تم تشييع الجنازة من مسجده

رحم الله المفكر الفيلسوف الدكتور /مصطفى محمود

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.