رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 3:51 ص توقيت القاهرة

ويبقي ماسبيرو .. كلمات من علي فراشِ المرض .. للدكتور عادل اليماني

متابعة - محمود الهندي

أكتبُ هذه الكلماتِ ، رغمَ ظروفي الصحية ، التي أدعو اللهَ تعالي أن تمرَ سلاماً ، فمازلتُ مع الأسبوع الأول من العزل المنزلي .

وكان لزاماً عليَّ أن أكتبَها ، مهنئناً زملائي ونفسي ، بعيد الإعلاميين ، الذي يُصادف اليومَ الأخير من شهر مايو .

مذيع مصري ، يحبُ هذهِ الأرضَ الطيبةَ ، ويعشقُ كلَ ذرةٍ من تُرابِه الطاهرة .

قضي عمرَه في هذه المهنة ، وتعددت تجاربُه البرامجية ، حتي أصبح رئيساً لواحدةٍ من القنوات الخاصة المهمة ، وكان ذلك بفضل إعلام بلدي ، إعلام ماسبيرو ، الذي يتندرون عليه الآن ، غيرَ مدركين لمكانتِه وتاريخِه المهيب ، وما قدمه لمصرَ وللعروبةِ كلِها من خيرٍ وثقافةٍ وتنوير .

يا سادة : الإعلامُ حرفٌ في كلمة ، وليس نقطةً في آخر السطر ، هو السبيلُ الأسرعُ إلي إثراءِ الوجدان والعقول ، والوصولِ إلي الخبرِ والمعلومة ، لاتخاذِ القرارِ الأصوب ، في الوقتِ الأنسب .

به يقتربُ البعيد ، ويتحولُ العالم الواسعُ ، إلي قريةٍ صغيرة ، تكادُ تعرفُ كلَ تفصيلةٍ فيها .

أدرك السابقون أهميته وقدرته اللا محدودة على التأثير والتغيير ، فانشغلوا به ، ووضعوا له خططَهم .

وخيرُ الإعلامِ وأنفعُه ، ما كان نابعاً من لسانِ صدقٍ ، والإعلامُ الصادقُ ، هوالباحثُ دوماً عن الحقيقة ، بل إنه و الحقيقة وجهان لعمله واحدة .

ولقد شاهدنا وسمعنا وقرأنا ، صنوفاً متعددة من الإعلام :

− إعلاماً يعرض جزءاً من الحقيقة .

− وإعلاماً يخشي عرضَ الحقيقة .

− وإعلاماً يحارب الحقيقة .

ودائماً القلوبُ كالقدور ، تغلي بما فيها ، وألسنتُها مغارفُها .

إن الكلمةَ أمانة ، الكلمةَ شرف ، الكلمةَ مسئولية ..

و إن للإعلامِ رسالةً ، خلاصتُها غرسُ القيم ، واستنهاضُ الهمم .

وفي آداب الإعلام ، ليس كلُ ما يُعرف يقال ، وليس كلُ ما يُقال صادفَ أهلَه ، وليسَ كلُ ما صادفَ أهلَه حانَ وقتُه .

إن فضلَ إعلامِ الدولة ، على الإعلام الخاص ، كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائر الكواكب .

ولايختلف إثنان أننا ، ومنذُ سنواتٍ ، نعيشُ حالةً من الفوضي الإعلامية ، فلا مصداقيةَ ولا موضوعية ولا مهنية ، متاجرةٌ بالوطن ليل نهار ، خلطٌ دائم بين الرأي والخبر ، بكاء وعويل ونحيب .

تلك الحالة العجيبة ، كنا ومازلنا نحياها حتى الآن .

وقد حذرنا كثيراً من خطورة هذا المشهد ، وتأثيراته السلبية على الفرد والجماعة في مصر ، كما حذرنا من هذهِ الحربِ الظالمةِ ، التي لا تتوقفُ على إعلامِ الدولة ، إعلامِ الوطن ، إعلامِ الخدمةِ العامة ، لأهدافٍ يعلمُها الجميع ، القضاءُ نهائياً ، وبلارحمة على ماسبيرو ، وتجهيزه للبيع ، في أسرعِ وقتٍ ممكن ، وبأبخسِ الأثمان .

وهاهي تلك الدولةُ نفسُها ، تتحول إلى سوقِ الإعلام ، ليس بالطبع من خلال ماسبيرو ، وإنما من خلال آخرين . تتوسعُ فيه باستمرار ، وتغدق عليه من المال ما لا يصدقُه عقل ، أو يستوعبُه ضمير ، وتعدلُ وتبدلُ في طريقةِ إدارتِه ، وتسندُ فيه الأمرَ لغيرِ أهلِه ، وتُغلقُ شركاتٍ ، وتفتحُ أخري ، وتعلنُ عن مشروعاتٍ لقنواتٍ إخبارية ، من المعلوم أنها ستتكلفُ المليارات من الجنيهات ، هذا تزامناً مع حديثٍ لا يتوقفُ عن ماسبيرو ، عمال ماسبيرو ، موظفي ماسبيرو ، برامج ماسبيرو ، وكأن ماسبيرو هو مشكلة مصر الوحيدة ، التي يجب حلها فوراً ، بالقضاء عليه نهائياً .

يا سادة إن ماسبيرو هذا ، الذي تتندرون عليه ، هو الأصل والأساس ، وما الإعلامُ الخاصُ كلُه ، إلا صنيعةَ ماسبيرو .

هل رأيتم ، أو سمعتم يوماً ، سباً وقذفاً ، وتجاوزاً لكلِ الآداب ، يخرجُ من ماسبيرو ؟ هل سمعتم يوماً ملاسناتٍ ومشاحناتٍ ، مصدرُها ماسبيرو ..؟

أنسيتم ماسبيرو .. ؟

يامن كنتم تتمنون الوقوفَ أمامَه ، والحديثَ في استديوهاته .

أنسيتم ماسبيرو ..؟ ضميرَ الأمةِ الصادق ، الذي لم تلوثْه أطماعٌ شخصية ، أو متاجراتٌ دنيوية .

أنسيتم ماسبيرو ..؟ ناقلَ الحقيقةِ المُجردة عن الغرض ، المنزهة عن الهوى .

تحيةً لماسبيرو ..

ولأبناءِ ماسبيرو ..

وكل عام وأنتم بخير ..

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.