بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين على كل حال، المتصف سبحانه بالعزة والعظمة والجلال، القيوم الحق الأزلي الدائم بغير زوال، المتفضل على عباده بجلائل النعم الكبير المتعال، نحمده تبارك وتعالى بالغدو والآصال، ونعوذ بنور وجهه الكريم من ظلمات الشك والشرك والضلال، ونسأله السلامة من جاه أو مال هو علينا وبال، ونرجوه العصمة من قيل وقال ومذلة السؤال، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد فالشبيه محال، المعبود الحق فقد سجدت له الشخوص والظلال، المبدع للكون بكلمة كن على غير مثال، القاهر فوق عباده، القوي شديد المحال، خلق الخلق فريقين، فهذا مهتد وذاك ضال، تغمد الطائعين برحمته، والظالمون ما لهم من دونه من وال، كما بدأ أول خلق يعيده، فإليه المرجع وإليه المآل، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله كريم الخصال.
الطاهر المطهر الموافق فعله لما سنّ وقال، القاضي بالقسط والقاسم بالعدل وما عن الحق مال، خير البرية أتقاها وأعدلها سيد الرجال، المهاجر في سبيل الله بدينه تاركا الأهل والمال، المجاهد بنفسه وماله الباطل حتى زهق وزال، النور الهادي لأمته والمنقذ لهم من الضلال، سيد ولد آدم بحق والشفيع يوم الأهوال، جاء قومه بعز الدارين فاتهموه بالخبال، ولولا رحمته لأطبقت على مكذبيه الجبال، الصبر رداؤه والحياء إزاره والحلم تاجه ليس له مثال، السخاء سجيته، والعفو شيمته، والمكارم له خلال، أضاء الورى نوره وفاض بره عن اليمين وعن الشمال، من رآه بداهة هابه ومن خالطه أحبه ومن صاحبه فداه بكل غال، حارت البرية في وصفه فسناه قد فاق كل خيال، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى الصحب والآل، ما دام في الكون شخوص وظلال.
أما بعد إن أذية المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات من كبائر الذنوب التي حذرنا منها علام الغيوب حيث قال تعالي في كتابه العزيز كما جاء في سورة الأحزاب " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا " وفي هذه الآية الكريمة تحريم أذى المسلم، إلا بوجه شرعي، كالمعاقبة على ذنب، ويدخل في الآية كل ما حرم للإيذاء، كالبيع على بيع غيره، والسوم على سومه، والخطبة على خطبته، وقد نص الإمام الشافعي على تحريم أكل الإنسان مما يلي غيره، إذا اشتمل على إيذاء، وعن الفضيل بن عياض قال لا يحل لك أن تؤذي كلبا أو خنزيرا بغير حق، فكيف؟ أي فكيف إيذاء المؤمنين والمؤمنات، فقد علموا أن كف الأذى صدقة مقبولة عند الله تعالى، ويقول يحيى بن معاذ "ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة، إن لم تنفعه فلا تضرّه.
وإن لم تفرحه فلا تغمّه، وإن لم تمدحه فلا تذمه" واعلموا عباد الله أن كف الأذى عن المسلمين وعن طرقاتهم موجب من موجبات دخول الجنة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال والله لأُنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم، فأدخل الجنة" وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال "اعزل الأذى عن طريق المسلمين" وكما أن كف الأذى علامة من علامات الإسلام الصادق، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم "أي المسلمين خير؟" قال "من سلم المسلمون من لسانه ويده" وقال الإمام ابن حجر رحمه الله " فيقتضي حصر المسلم فيمن سلم المسلمون من لسانه ويده، والمراد بذلك المسلم الكامل الإسلام الواجب، إذ سلامة المسلمين من لسان العبد ويده واجبة، وأذى المسلم حرام باللسان واليد" وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى "أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حقوق الله تعالى، أداء حقوق المسلمين، والكف عن أعراضهم"
إضافة تعليق جديد