بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، إن الله عز وجل خلق الخلق وأوجدهم لغاية سامية، وإستخلفهم في الأرض لأمر عظيم ألا وهو عبادته وحده سبحانه دون سواه، وأن يُطاع أبدا، ولا يُعصى أبدا، ولهذا قال الله تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ولقد فرط كثير من المسلمين بأوامر الله عزوجل، وأوامر نبيه المصطفي صلى الله عليه وسلم، بل وإرتكبوا مانهوا عنه فإستحلوا ما حرم الله عليهم من المعاصي والفواحش بلا خوف ولا حياء حتى غطى الران قلوبهم وإستحقوا غضب الله ومقته، فيا أيها الناس اتقوا الله واعرفوا نعمة الله تعالي عليكم بهذا الدين القويم.
الجامع بين الرحمة والحكمة، رحمة في صلاح الخلق، وحكمة في إتباع الطريق الموصل إلى الهدف الأسمى، فيا أيها الناس إن من طبيعة البشر أن يكون لهم نزعات متباينة فمنها نزعات إلى الخير والحق، ومنها نزعات إلى الباطل والشر كما قال الله سبحانه " إن سعيكم لشتي " ولما كانت النفوس الشريرة، والنزعات الخاطئة، والأعمال السيئة لا بد لها من رادع يكبح جماحها، ويخفف من حدتها، شرع رب العباد وهو الرءوف الرحيم عقوبات متنوعة بحسب الجرائم لتردع المعتدي، وتصلح الفاسد، وتكفر عن المجرم جريمته، فالسارق تقطع يده، والزاني يجلد إذا كان بكرا، ويقتل إذا كان ثيبا، وشارب الخمر يجلد كذلك، وإن من أعظم الحكمة وأجلها هو أن وضع الله سبحانه سبلا للخلاص من كل جريمة تقيه وتحميه من الوقوع فيها وفي شباكها.
فطرق الخلاص من الوقوع في الزنا كثيرة جدا، أولها هو إقامة الحدود، فإن الجاني إذا علم أن هناك رادعا وزاجرا سيحول بينه وبين ما توسوس له نفسه فإنه بذلك يقف ويتراجع بإذن الله تعالي، وثانيا هو غض البصر، فلما كان مبدأ الوقوع في جريمة الزنا من قبل البصر، جعل سبحانه الأمر بغض البصر مقدما على الأمر بحفظ الفرج، فقال الله تعالى كما جاء في سورة النور " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم " فكل الحوادث مبدأها من النظر فكم من نظرة أودت بصاحبها إلى الوقوع في المعصية، وفتنة الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم، من تركه من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه" وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم.
"كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله، وعينا سهرت في سبيل الله، وعينا يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله" وثالثا هو الحجاب للمرأة وهو ستر وجوههن وأجسامهن صيانة لهن وللرجال من الوقوع في الفاحشة، ورابعا وهو منع الخلوة بالمرأة التي ليست من محارمه، لأن ذلك مدعاة إلى إغراء الشيطان لهما بالفاحشة مهما بلغا من التقوى، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يخلون رجل بإمرأة إلا ومعها ذو محرم " فمن خلا بامرأة لا تحل له فقد عصى الله ورسوله، وعرض نفسه للفتنة، سواء كانت الخلوة في بيت أو مكتب أو متجر أو في سيارة، كركوب المرأة مع الرجل في السيارة خاليين، كما يفعل بعض أصحاب السيارات، وكما يفعله بعض الذين أضعفت المادة غيرتهم، فجعلوا لنسائهم سائقين أجانب تركب إحداهن مع السائق وحدها يذهب بها حيث شاءت ونسأل الله السلامة والعافية.
إضافة تعليق جديد