بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحابته والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد إنقضى شهر رمضان وتصرمت أيامه، وتم صيامه وقيامه، وطويت صحائفه بما قدمنا فيها من خير أو شر، فيا ليت شعري من الفائز منا فنهنيه؟ ومن المحروم منا فنعزيه؟ فكم هو محروم من حرم خير رمضان؟ وكم هو خاسر من فاته المغفرة والرضوان؟ فغدا توفي النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا فإن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساؤا، فبئس ما صنعوا وقد كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده، وهؤلاء هم الذين مدحهم الله بقوله تعالى " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة"
وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت يا رسول الله "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة" هو الذى يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله عز وجل؟ قال صلى الله عليه وسلم "لا، يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصلون، ويصومون، ويتصدقون، وهم يخافون ألا يقبل منهم" رواه أحمد والترمذى، وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه "كونوا لقبول العمل أشد إهتماما منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول " إنما يتقبل الله من المتقين" وقال فضالة بن عبيد لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل، أحب إلي من الدنيا وما فيها، لأن الله تعالي يقول " إنما يتقبل الله من المتقين" وإن من أسباب القبول، ودلائل التوفيق هو إتباع الحسنة بالحسنة، والمداومة على فعل الطاعة، والبعد عن المعصية، وقال بعض السلف إن من عقوبة السيئة، هو السيئة بعدها.
وإن من ثواب الحسنة، هو الحسنة بعدها، فيا من كان يلح على ربه بالعتق من النار، إياك أن تجر نفسك إليها بفعل السيئات والأوزار، ويا من أكرمه الله بطاعته، إياك والعودة إلى معصيته ومخالفته، ويا من إعتاد حضور المساجد، وعمارة بيوت الله بأنواع الذكر والصلاة، أثبت على الطريق، وإستقم على الجادة، وحافظ على الجمع والجماعات، وإياك أن تكون ممن قال الله فيهم فى كتابه الكريم " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا" ويا من وفقه الله تعالي لقيام الليل، لا تحرم نفسك هذا الفضل في بقية العام، فقد شرع الله عز وجل لك قيام الليل في جميع الليالي ووعدك عليه بعظيم الأجر وجزيل النوال، وقد سئل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصلاة بعد الفريضة؟ فقال صلى الله عليه وسلم "صلاة الليل" رواه مسلم.
وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل، فترك قيام الليل" وقد مدح الله عباده المؤمنين بقوله " تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا" وقال تعالى أيضا " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون" فاحرص على صلاة الليل ولو أن توتر بثلاث ركعات، أو ركعة واحدة على الأقل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر" رواه أبو داود والترمذى، ويقول الإمام أحمد " من ترك الوتر ثلاث ليالي، فهو رجل سوء، لا تقبل شهادته" ويا من ذاق حلاوة الصيام، لا تحرم نفسك منه بقية العام، واعلم أن الله تعالي شرع لك صيام الإثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأفضل الصيام صيام داود.
فكان يصوم يوما ويفطر يوما، فإن ضعفت عن هذا، أو شغلت، فلا تغلبن على صيام الست من شوال فإن صيامها مع رمضان، يعدل صيام الدهر كله.
إضافة تعليق جديد