رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 2 مارس 2025 11:11 م توقيت القاهرة

أقبل علينا شهر العتق من النيران.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله فتح باب التوبة للمذنبين، ووعد بحسن العاقبة للصادقين، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد أقبل علينا شهر رمضان الشهر المبارك شهر البر والإحسان فكم قريب لنا فقدناه، وكم عزيز علينا دفنّاه، وكم حبيب لنا في اللحد أضجعناه، فيا من ألف وإعتاد الذنوب وأجرما، يا من غدا على زلاته متندما، تب فدونك المنى والمغنما، والله يحب أن يجود ويرحما، وينيل التائبين فضله تكرما، فيا من أورد نفسه مشارع البوار، وأسامها في مسارح الخسار، وأقامها في المعاصي والأوزار، وجعلها على شفا جرف هار، كم في كتابك من زلل.
كم في عملك من خلل، كم ضيعت واجبا وفرضا، كم نقضت عهدا محكما نقضا، كم أتيت حراما صريحا محضا، فبادر التوبة ما دمت في زمن الإنظار، واستدرك فائتا قبل أن لا تقال العثار، وأقلع عن الذنوب والأوزار، وأظهر الندم والاستغفار، فإن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، فأيها المسلمون إن أيام رمضان تاج على رأس الزمان، من رُحم فيها فهو المرحوم، ومن حُرم خيرها فهو المحروم، ومن لم يتزود من عامه فيها فهو الظلوم الملوم، فإنه شهر التوبة والإقلاع والجد والإسراع، وهو شهر عمارة المحراب، وتلاوة الكتاب، تعمر فيه المساجد، ويغبط فيه الراكع والساجد، ترف فيه القلوب، وتغفر فيه الذنوب، وتتجافى عن المضاجع الجنوب، فيا باغي الخير أقبل فهذا شهر العتق من النيران.
وشهر فكاك الرقاب من دار الشقاء والحرمان، وشهر التخلص من الخذلان والهوان، وشهر يطلق فيه العاصي، ويفك فيه العاني، ويعتق فيه الجاني، فيا باغي الخير أقبل، يا باغي الخير أقبل فرمضان ربيع التقى، وقد فاح قداحه، فلقد كان لنبي الله يعقوب اثنا عشر ولدا، فما رجع بصره إلا بقميص يوسف، فإن رمضان شهر لا يشبهه شهر فهو شهر عظيم الأمر وجليل القدر، وفضائله لا تحصى، ومحامده لا تستقصى، إنه شهر القبول والسعود، وموسم العتق والجود، وميدان الترقي والصعود، إنه كنز المتقين، وبهجة السالكين وراحة المتعبّدين، فيه تخرج النفوس من رقّ الغفلة، ووفاق الكسل والفترة، إلى فضاء العبادة وربيع الطاعة فالألسن ضارعة، والأعين دامعة والآذان سامعة، والأنفس طامعة إن الروح تتروح في شهر الصوم، وتودّ لو كان ألف يوم.
فها هو شهر رمضان وما أدراك ما شهر رمضان، إنه شهر المكاسب والمرابح، ما أندى ظلاله، وأعم نواله، وأبهى جماله، وأسمى جلاله، إنه زائر زاهر، وشهر عاطر، وشرف ظاهر، وفضل زاخر بل هو أوسع من أن تحد نسماته، وأبعد من أن تعد نفحاته، وأرفع من أن تحصى خيراته، وأعظم من أن تستقصى ثمراته، فما أطيب المناجاة فيه في جوف الليل وعند السحر وما ألذ انشغال القلوب فيه في تدبر الآيات وترتيل السور، فاجعلوا لمنازلكم بالقرآن دويّا، واجعلوا شهركم بالذكر نديّا، فيا باغي الخير أقبل فهذا شهر إقالة العثار، وزمان غفران الأوزار، ووقت الإنابة، ولحظة الإجابة من الكريم لمن طرق بابه، هذا أوان الإياب " هذا مغتسل بارد وشراب " فطوبى لمن غسل في رمضان درن الذنوب بتوبة، ورجع عن خطاياه قبل فوت الأوبة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.