رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 17 مارس 2025 12:34 ص توقيت القاهرة

إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثا.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن شريعتنا الإسلامية المباركة لا تهمل الإحسان إلى الوالدين، ولو كانا كافرين، فضلا عن الوالدين العاصيين،ولقد حثنا القرآن العظيم بأسلوب رائع بليغ على بر الوالدين، وإن كانا مشركين، عسى أن تكون هذه المعاملة الطيبة سببا في هدايتهما، وقال الإمام ابن كثير رحمه الله إن حرصا عليك كل الحرص على أن تتابعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعنك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفا، أي محسنا إليهما، وقال الإمام القرطبي رحمه الله الآية الكريمة " وإن جاهداك علي ان تشرك بما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا " وهو دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال، إن كانا فقيرين.
وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق، وروى عن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثا، إن الله يوصيكم بآبائكم، إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب" رواه ابن ماجه، ومعني قوله ثلاثا، أي كرره ثلاث مرات لمزيد التأكيد، وعن معاوية بن جاهمة السلمي أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال " هل لك من أم؟" قال نعم، قال " فالزمها فإن الجنة تحت رجليها" رواه النسائي، وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت صوت قارئ يقرأ، فقلت من هذا؟ قالوا هذا حارثة بن النعمان " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كذاك البر، كذاك البر، وكان أبرّ الناس بأمه" رواه أحمد.
وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبرّوهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم، وقوله تعالي " إن الله يحب المقسطين " يقول إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس، ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرّون من برّهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم، وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال " نعم، صلي أمك " رواه البخاري، وقال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله قولها وهي راغبة، أي طالبة في بر ابنتها لها، خائفة من ردها إياها خائبة، وقال الإمام النووي رحمه الله هذا الحديث فيه جواز صلة القريب المشرك، وقال الإمام القرطبي رحمه الله.
خصّ الله تعالى البر بالوالدين في حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بر الولد، لتغيّر الحال عليهما بالضعف والكبر، فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلًّا عليه، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه، فلذلك خص هذه الحالة بالذكر، وإن طول مكث الوالدين أو أحدهما عند الولد عادة ما يسبب نوعا من الإستثقال للمرء، ويحصل الملل، ويكثر الضجر، فيظهر غضبه على أبويه، وتنتفخ لهما أوداجه، ويستطيل عليهما بدالة البنوة، وقلة الديانة، وأقل المكروه ما يظهره بتنفسه المتردد من الضجر، وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.