
بقلم / محمـــد الدكـــروري
أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر الكثير عن الأخلاق والقوانين الإسلامية في الحرب، ومنها أنه نهى المجاهدين عن النهب مهما أصابهم من جوعة وخصاصة.
لأن النهب من الخيانة التي لا يرضاها الإسلام، ومن روائع الآداب الإسلامية أنه نهى أتباعه عن تضيق المنازل وقطع الطرق، والتضييق هنا بسبب أخذ منزل لا حاجة له إليه، أو فوق حاجته، وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في من فعل ذلك "فلا جهاد له" أي فلا كمال ثواب الجهاد له بإضراره الناس لأنه إذا نزل في الطريق يمنع الناس من المرور، أو يضيق الطريق فيتضررون بالمرور، وإضرار الناس إثم، وكما أن من الآداب التي شرعها الإسلام في الحرب أن الرسل لا تقتل ولا تؤسر، وذلك من كرم الإسلام ومن عدله مع أعدائه، وكما إن من أخلاقيات الحرب في الإسلام أنه نهى عن قتل المعاهد وحذر من ذلك تحذيرا شديدا، وليعلم الجميع أن الإسلام ليس متعطشا للدماء ولا داعيا للحرب والتخريب والتدمير، ولقد انتضى الإسلام السيف.
لا ليكره الناس على الإسلام، ولكن ليكفل عدة أهداف منها هو شرع الجهاد عباد الله لصدّ عدوان يعده العدو لإجتياح بلاد المسلمين، ويهدد أمنهم مثلما حدث ذلك في غزو حنين وحصار الطائف، حين إجتمعت هوازن وثقيف بعد فتح مكة بقيادة مالك بن عوف النمري، وكما يشرع الجهاد للدفع عن الدين والأرض وصد هجمات الغزاة كما حدث في غزوة أحد والخندق حين إجتمعت الأحزاب لضرب الإسلام، وكما يشرع الجهاد ضد من نقض العهود والمواثيق، مثلما حدث مع بني قينقاع وبني النضير وفتح مكة، وكما يشرع الجهاد لتأمين المسلمين إذا تعرّض لهم من يفتنهم عن دينهم، أو يمنع الداعي من تبليغ دعوته، ويقول أحد المفكرين لو لم يكن من مظاهر العدل في الإسلام إلا قوانينه الحربية، لكان في ذلك ما يقنع المنصفين على إعتناقه، واعلموا يرحمكم الله إن الحرب ضرورة.
تفرضها طبيعة الإجتماع البشري، وطبيعة التدافع الواقع بين البشر الذي ذكره القرآن الكريم، ولكن ضرورة الحرب لا تعني الخضوع لغرائز الغضب والحمية الجاهلية وإشباع نوازع الحقد والقسوة والأنانية، وإذا كان لا بد من الحرب فلتكن حربا تضبطها الأخلاق، ولا تسيرها الشهوات، لتكن ضد الطغاة والمعتدين لا ضد البرآء والمسالمين، وإذا كان لا بد من الحرب فلتكن في سبيل الله، وهو السبيل الذي تعلو به كلمة الحق والخير لا في سبيل الطاغوت الذي تعلو به كلمة الشر والباطل، ولتكن من أجل إستنقاذ المستضعفين، لا من أجل حماية الأقوياء المتسلطين، ولتتقيد الحرب بأخلاق الرحمة والسماحة، ولو كانت مع أشد الأعداء شنآنا للمسلمين، وعتوا عليهم، وإذا كان كثير من قادة الحروب وفلاسفة القوة، لا يبالون أثناء الحرب بشيء إلا التنكيل بالعدو وتدميره.
وإن أصاب هذا التنكيل من لا ناقة له في الحرب ولا جمل، فإن الإسلام يوصي ألا يقتل إلا من يقاتل، ويحذر من الغدر والتمثيل بالجثث وقطع الأشجار، وهدم المباني، وقتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان المنقطعين للعبادة والمزارعين المنقطعين لحراثة الأرض، فاللهم إنا نسألك أن تنصر أخواننا على أرض غزة، اللهم ثبت أقدامهم وأنصرهم نصرا مؤزرا وافتح لهم فتحا مبينا واجعل اليهود وما يملكون غنيمة للإسلام والمسلمون يا رب العالمين.
إضافة تعليق جديد