بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 30 أكتوبر 2024
الحمد لله المحمود على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله جبله ربه على جميل الفعال وكريم الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، ثم أما بعد إن من بواعث السخرية والإستهزاء هو حب الدرهم والدينار وتحصيل المال بأي صورة كانت ولو أدى ذلك إلى الكفر بالله، ونلحظ هذا الأمر في طائفة الممثلين في العصر الحاضر الذين يقدمون للناس أفلاما ومسرحيات هزلية ويستجلبون الضحكات وكل ذلك ليرتزقوا من وراء هذا العمل الدنس، ولهذا لا تعجب وأنت تقرأ في الصحافة عن الأرقام الضخمة التي تصرف لهؤلاء المهرجين والهازلين المشهورين بهذه المهنة.
فقد أصبحت السخرية وإضحاك الآخرين فنا وبطولة ونجومية عند من لا يعقلون، والأدهى من ذلك أن بعض الذين يعلقون يعجبون بهذا السفه ويرددونه في مجالسهم ومنتدياتهم، ما رأيكم في شخص يقول إنه لا يفترض أننا نكون الصم العمي للعلماء فيفترض تحكيم العقل في بعض المسائل التي يحدث فيها خلاف بين العلماء فما هو الواجب علي تجاه هذا الشخص لاسيما وهو صديق؟ فالإجابة بإننا مأمورون بالرجوع إلى أهل العلم عندما نجهل حكم الشرع في حادثة من الحوادث، فقد قال الله تعالى " فساسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وأمرنا الله عز وجل بطاعة أولي الأمر ومنهم العلماء، فقال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "
فمن لم يكن من أهل العلم بحيث يتوصل إلى معرفة حكم الشرع من خلال النظر في الأدلة، ومن لم يكن في هذه المرتبة وجب عليه إتباع العلماء، وأحكام الشرع من حلال أو حرام لا تعرف بالعقل ومن إتبع فيها عقله زاغ وضل، وما أحسن قول الإمام علي رضي الله عنه حين قال " لو كان الدين بالرأي لكان مسح الخف من أسفل" فإننا أمرنا بمسح أعلى الخف مع أن الأوساخ إنما تنال أسفل الخف، فلو حكمنا العقل لحكم العقل بأن المسح لأسفل الخف، وهذا على خلاف الشرع، والخلاصة أننا أمرنا باتباع ما أنزل الله على رسوله، فقد قال الله تعالى كما جاء في سورة الأعراف " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون " ولا يمكن لغير العالم معرفة ما أنزل الله، وما هو حكم الله إلا بالرجوع إلى أهل العلم.
واعلموا يرحمكم الله أن الإستهزاء عقبة من عقبات الدعوة إلى الله تعالى حيث يشكو كثير من الدعاة من عنت الاستهزاء والمستهزئين ولكنهم حين يتأملون سيرة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهم أشرف خلق الله يجدونهم قد استهزئ بهم وسخر منهم، فيكون في ذلك عزاء لهم مما يلاقونه من هؤلاء الساخرين، فقال تعالى في سورة الفرقان " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا" ويقول سبحانه في سورة الزخرف " وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزءون " ويقول سبحانه في سورة يس " ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون"
فهذا نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام الذي دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يقابل بالسخرية والإستهزاء، فقومه يضحكون به ويسخرون منه حين رأوه يصنع السفينة فقال الله تعالى في سورة هود " ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون، فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم" وقال تعالى عنهم إنهم قالوا كما جاء في سورة المؤمنون "ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين "
إضافة تعليق جديد