رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 25 أبريل 2024 7:08 ص توقيت القاهرة

الإحراج والكسوف ومابقى كان وهما للظروف

بقلمي جمال القاضي

ترغب الأنثى في هذا الكون دائما بأن ترى وتسمع من الرجل مايوحي بمدى إهتمامه بها  ومدى أهميتها بالنسبة له ، لكن يبقى السؤال الذي يزج بنفسه دائما في ساحة الحوار وهو لماذا فقدت الأنثى هذا الإهتمام من قبل الرجل ؟ ولماذا إنطفئت تلك الشمعة التي أشعلت فتيلتها من شرارة لحب سبق زواجها ؟

علينا أن نعود سريعا إلى الماضي ، إلى حيث كانت اللحظات الأولى قبل الزواج ، حيث كان كل طرف من أطراف هذا الإرتباط يبدى ويظهر كل مالديه من جميل للمشاعر للطرف الآخر ، بالرغم من أن كل منهما قد يخفي عيوبه  عن الطرف الآخر ، ومع الزواج باتت تلك المشاعر بقوتها لفترة ليست بالطويلة ، ثم أخذت تفقد مع الوقت هذه القوة شيئا فشيئا ، حتى صار كل طرف مهمشا بالنسبة للطرف الآخر الأمر الذي ضعف معه الإهتمام  ،

فلماذا ضعفت هذه العلاقة ، وضعف معها إهتمام الرجل لزوجته ؟
ربما يظن البعض أن الإجابة على هذا السؤال سهلة وسريعة ، ليصبح الجواب من الوهلة الأولى قائلا أنه لتلك الظروف الصعبة التي نعيشها في الحياة ، والتي فقد فيها الزوج الكثير من وقت فراغه الذي كان بالأمس القريب متوفرا لديه بكثرة ، لكن رغم أن هذا الجواب قد يكون من الحجج الواهية التي قد تقنع الكثير في شكلها الظاهري رغم عدم صدقها في جوهرها الحقيقي ،

 فلو كانت مثل هذه الإجابة السبب في فقدان الإهتمام فنذهب بسؤال للرجل وهو أليست  عاملا أو موظفا في إحدى المؤسسات الحكومية  أو الشركات الخاصة أو عاملا في مجال غيرها  من مجالات العمل التي تذهب إليها وتجد بجانبك أحد  الزميلات هناك في هذا العمل ؟ أكان تعاملك هناك معها تعاملا يشير إلى مدى إعجابك بها ؟ هل كان تعاملك مع هذه وغيرها  من الزميلات  بنفس وجهك العبوس الذي كنت تتعامل به مع زوجتك ؟ الإجابة بالطبع لا لم يكن بنفس الوجه مع هذه الزميلة ، فلماذا أصبحت  ملامح وجهك الآن  تغيرت هكذا ؟

لم يكن هذا هو السبب وحده في ضعف العلاقة ، وإنما كان هناك الكثير من تلك الأسباب والتي صارت ظاهرة تهدد هذا الكيان المقدس للعلاقات والروابط التي شرعها الله لحفظ النوع البشري بعلاقة محترمة ومشروعة وهي علاقة الزواج ،

وعن هذه الأسباب فهناك الكثير ونذكر منها :
أولا : 
يظن البعض بأنه حين يضحك في وجه زوجته فإنه يفقد هيبته التي رسمها لشخصيته أمامها ، إن كان هذا هو تصور البعض من الرجال عن الزوجة فإنك بذلك تفتح بابا بيديك أمامها  لتبحث في محركات البحث الإفتراضية والحقيقية عمن يعطيها هذا الإهتمام ، ثم يكون عقابها منك على جريمتها و التي كنت أنت طرفا في وقوعها ، لتقرر في النهاية أن  تنهي علاقتك الزوجية بها ، لأنك حتما وغيرك سوف توصفها بالخائنة ، نعم والكل يتفق معك بوصفك هذا ، لكن كنت أنت من أخذ بها إلى طريق الخيانة دون أن تدري والتي كانت من نتيجة عدم إعطائها  أدنى حقوقها الشرعية من الإهتمام الذي هو يعتبر وقودا لإستمرار تلك العلاقة .

ثانيا : 
البعض من الرجال يظن أنه كلما كان منه إهتماما بزوجته فإنه بذلك قد يفتح مجالا لها لكي  لتتطلب منه الكثير والكثير من النقود اللازمة لشراء مايلزم من  الأشياء  الضرورية  من ملابس وأطعمة وغيرها ، وهنا للرجل نسأل : إن كنت تظن ذلك عن المرأة هل كان ماتطلبه منك لأمر يخصها هي نفسها ؟ أم كان يخص حاجات ضرورية لحياتك اليومية ؟ وعلى كل حال وإن اختلف الجواب فإن من الضروري عليك وجوب الإنفاق وهذا أيضا حقا شرعيا لها وواجبا أصيلا عليك بأن تقوم بتوفير  كل مايكفل ويضمن عيشها بكرامة تغنيها عن سؤال غيرك ليوفر لها ماتحتاج .

ثالثا : 
وهو أكثر الأسباب شيوعا ألا وهو الخجل والكسوف عند الرجال : حيث يظن بعض الرجال أن الإعتراف بمشاعره لزوجته أمرا يتطلب منه الجرأة وعدم الخوف للإفصاح والبوح بجميل مشاعره لها ، علاوة على ذلك قد يعتقد داخليا أن مثل هذه الأمور لم يعد لها مكانا وأهمية له لأنها فقدت منه  هناك في مرحلة ما من عمره وهي مرحلة المراهقة والتي مضت عنه منذ الفترة التي أصبح فيه زوجا ومسئولا عن زوجته وأن مثل هذه المشاعر الآن قد يراها عيبا منه إن اعترف بها لزوجته ، فيظل صامتا بعد زواجه مكتفيا بالتعبير عن حبه لزوجته بإبتسامة منه لها ، أو أن يعطيها شيئا تحبه ، أو يداعبها بأفعاله ، والسؤال هنا لمثل هؤلاء الرجال : عندما تفتح صفحات التواصل الإجتماعي مثل الفيسبوك وغيرها ، وتتحدث إليك أحد السيدات هل تصمت ولم ترد أم كان الأمر مختلفا وكان الرد منك عليها ضاحكا بالكتابة أو ضاحكا بصوتك العالي الذي يجعلك من علوه تراقب كل من حولك خوفا من أن تراك زوجتك أو أحد أبنائك في هذه الحالة ؟ فمن التي هي  أولى إذن بهذه الضحكات وهذه الكلمات التي صرت تحبسها في قلبك ولم تبديها لزوجتك مدعيا بأنها كلمات وأفعال لمراهقين ولايجوز أن تنطق بها لزوجتك المسكينة ثم تنطق بها لغيرها في علاقات غير مشىروعة ؟ 

ثم نذهب بعد ذلك و بكل شدة معاقبين الأنثى على كل ماتفعله  ونسينا ان حرمانها من المشاعر قد يجعلها   تسلك كل الطرق المشروعة وغيرها بحثا عمن يعطيها حقها في الإهتمام ونسينا أيضا أن كل أنثى خلقها الله ترغب دائما في المدح والإثراء والقول لها كلمات ترضيها  وتعطيها تصورها واضحا عن جمالها ، نعم نعاقبها دائما لكن ليت كان عقابها بعد أن نعطيها حقها من هذا الإهتمام أولا ، فليس هناك عقاب بلا جريمة ولا جريمة دون تشريع لقانون يردع فاعلها وليس هناك قانون إلا بعد إختراق لواقع ينظم سير الحياة ،

وكما  أن للزوجة حقوقا فعليها هي الآخرى واجبات ، والتي هي في ذات الوقت حقوقا للزوج ، وجعل العلاقة بين الرجل والمرأة محكومة بوثاق ورباط مقدس لتصبح الزوجة سكنا للرجل يرتاح إليها إذا نظر في وجهها ويشعر بالطمأنينة والهدوء في سكونها ، الأمر الذي يعكس على وجه زوجها الإبتسامة إذا رأها أيضا من أمامه مبتسمة ،

 قال تعالى في سورة الروم (  ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ۚ إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) صدق الله العظيم .

وأخيرا:
 لاتبخل بمشاعرك تجاه زوجتك فهي أولى بها عن غيرها ، وكن معها كما كنت منذ أول لحظة تعرفها ترى منها كل جميل تنتظره لتصبح حياتك كلها في سعادة بسعادة زوجتك  فهي المخلوق الذي رغم ضعفه قد يخلق بداخلك قوة تجعلك تقوى على خوض معارك الحياة وصعوبتها .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.