بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد رب العالمين حمدا كريما لمن تفرد بالعظمة والكبرياء، وحمدا متواصلا لمن بيده مقادير كل شيء، حمدا له من كل قلب مؤمن، ومن كل نفس مخبتة، حمدا له على الإيمان، وحمدا له على الإسلام، وحمدا له على القرآن، وحمدا له على كل نعمة، وحمدا له في السراء والضراء، وحمدا له على كل حال، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، إصطفاه على خلقه بأكرم رسالة، وأعظم نبوة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن من الأمور التي أصبحت تقلق الشباب المسلم في هذه الفترة هي الفتور، وإننا قبل التعرف على أسباب إصابة المؤمن بالفتور في العبادة لابد من تبيين حقائق ومسلمات تتعلق بضعف إيمان المؤمن وفتوره، وأذكرها في قواعد هامه، فالقاعدة الأولى وهي أن جميع الخلق سوى من عصمه الله تعالي.
معرض للإصابة بالفتور، والوقوع في الأخطاء والمعاصي، وهذا أمر قد أثبته النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله سمة لكل بني آدم فقال " كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون " ولما كان الإنسان مفطورا على الوقوع في المعصية، وإقتراف الخطأ، أرشده الله تعالى إلى طريق الخلاص منها، وهو التوبة النصوح، فمن توخاه نجا، ومن تنكب عنه خسر، ومن هنا جاء الترغيب الرباني إلى طريق النجاة بالعفو عما اقترفه الإنسان من الذنوب، وليس هذا فحسب، بل وبتبديل السيئات السابقة إلى حسنات أيضا، فيا له من فضل عظيم وعفو كريم، حيث يقول الله تعالى فيه " إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما " ويقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم "
وأما عن القاعدة الثانية وهي أن قلب المرء وإن صفا، وثبت على الإيمان، وإستلذ بحلاوته، فإنه معرّض للإنتكاسة، ومهيأ للانقلاب، وقد يقرب من ذلك وقد يبعد عنه، وإن القلب أيها المؤمنون لشديد التقلب ويضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة هذا التقلب مثلا فيقول "لقلب ابن آدم أسرع تقلبا من القدر إذا إستجمعت غليانا " ومن الذي بيده تقليب القلوب وتصريفها، إنه الله سبحانه وتعالي، ويقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم " إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا علي طاعتك " وأما عن القاعدة الثالثة وهي أن مذهب أهل السنة والجماعة في شأن الإيمان، أنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهل يستوي إيمان عبد تعلق قلبه بالمساجد.
وشغف بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأضاء نور القرآن عقله، وأنارت السنة بصيرته، بمن صد عن هذا كله، فرضي بمستنقعات الرذيلة له موردا ومشربا، وإمتلكت جوارحه المعاصي، وسرى في دمه داء التبعية لكل ناعق، فإستمتع بالشهوات المحرمة، وسلم قياده لشيطان الهوى ؟ لا والله الذي لا إله إلا هو لا يستوون، وهل يستوي من قال الله فيه " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلي ربهم يتوكلون " وأما عن القاعدة الرابعة وهي أن بقاء قلب المؤمن على الدرجة الرفيعة من الإيمان التي يجدها في أعظم العبادات قدرا، وأكثرها تأثيرا، كالصلاة والحج والصيام وتلاوة القرآن، وقيام الليل، أمر متعذر لشدة انشغال القلب بأعمال الدنيا، وملذاتها، وما يعتريه فيها من أفراح وأتراح، وليس هذا من الرياء أو النفاق في شيء، وقد وجد هذا أفضل القرون من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
إضافة تعليق جديد