الحمد لله برحمته اهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالي، إحتضر رجل ممن كان يجالس شراب الخمور، فلما حضره نزع روحه، أقبل عليه رجل ممن حوله وقال له يا فلان يا فلان قل لا إله إلا الله، فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه فردد عليه صاحبه يا فلان قل لا إله إلا الله، فالتفت إليه وصاح لا اشرب أنت ثمّ اسقني، اشرب أنت ثم اسقني، وما زال يردّدها حتى فاضت روحه إلى باريها فنعوذ بالله القائل.
" وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل" وذكر الإمام الصفدي أن رجلا كان يشرب الخمر ويجالس أهلها وكان إذا سكر ونام يمشي ولا يعقل فكان ينام في السطح ويشد رجله بحبل كي لا يقع فسكر ليلة ونام فقام يمشي وسقط من السطح فأمسكه الحبل فبقي معلقا منكسا حتى أصبح ميتا، فنعوذ بالله من ميتة السوء، وقيل أن محمد بن المغيث كان رجلا فاسقا مفتونا بشرب الخمر ولا يكاد يخرج من بيت الخمار، فلما مرض ونزل به الموت وخارت قواه سأله رجل ممن حوله هل بقي في جسمك قوة ؟ هل تستطيع المشي؟ فقال نعم لو شئت مشيت من هنا إلى بيت الخمار، فقال صاحبه أعوذ بالله أفلا قلت أمشي إلى المسجد ؟ فبكى وقال غلب ذلك عليّ لكل امرئ من دهره ما تعودا وما جرت عادتي بالمشي إلى المسجد، واعلموا أن شهر شعبان بمثائة البوابة التي تدخلنا إلى شهر رمضان.
ولأن رمضان هو شهر تفتح أبواب الجنة كما أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وأغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين" فأين المشمرون عن السواعد ؟ وأين المشتاقون الى لقاء الله تعالي؟ وأين المشتاقون الى الجنة ؟ وها هي الجنة تنادي أنا أصبحت عند أبوابكم، ففي شهر شعبان مجال طرق الأبواب، بكل وسائل الطرق المتاحة، فاطرقوا أبواب الجنان بالتوبة والاستغفار والإنابة إلى الله تعالي واللجوء إليه واطرقوا أبواب الجنان بالتضرع والوقوف على أعتاب بابه مرددين " لن نبرك بابك حتى تغفر لنا " واطرقوا أبواب الجنان بالصيام والقيام والصلاة بالليل والناس نيام، واطرقوا أبواب الجنان بالطاعات والقربات وبالإلحاح في الدعاء فإن أبا الدرداء كان يقول " جدوا بالدعاء، فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له "
وهي دعوة للتحفز والإستعداد والتهيؤ بالوقوف على العتبات والأعتاب لعله يفتح عن قريب فترى نور الله تعالي القادم من شهر القرآن، وقال ابن أبي رواد حضرت رجلا عند الموت فجعل من حوله يلقّنونه لا إله إلا الله فحيل بينه وبينها وثقلت عليه فجعلوا يعيدون عليه ويكررون ويذكرونه بالله وهو في كرب شديد، فلما ضاق عليه النفس صاح بهم وقال هو كافر بلا إله إلاّ الله ثم شهق ومات، وقال فلما دفناه سألت أهله عن حاله فإذا هو مدمن للخمر، نعوذ بالله من سوء الخاتمة، بل نعوذ بالله من أم الخبائث ورأس الفواحش، ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، ومن شرب الخمر في الدنيا كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال، فقيل يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ فقال هي عصارة أهل النار إلا أن يتوب قبل موته.
إضافة تعليق جديد