رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 23 نوفمبر 2024 9:57 ص توقيت القاهرة

التلطف مع طلبة العلم والصغار

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، يا أخي الكريم روّح على قلبك فإن القلب يكل ويمل ونوع عليه الأساليب والتمس له فنون الحكمة وأنواع المعرفة، فالعلم يشرح الصدر ويوسع مدارك النظر ويفتح الآفاق أمام النفس فتخرج من همها وغمها وحزنها، واعلم أن من السعادة هو الإنتصار على العقبات ومغالبة الصعاب، وأن فلذة الظفر لا تعدلها لذة وفرحة النجاح لا تساوبها فرحة، فإذا أردت أن تسعد مع الناس فعاملهم بما تحب أن يعاملوك به ولا تبخسهم أشياءهم ولا تضع من أقدارهم، إن من القول الحسن الذي أمرنا به الله عز وجل هو التلطف مع طلبة العلم. 

والتخاطب مع طلبة العلم، حيث ينبغي أن يستقبلوا أحسن إستقبال وأن يتلطف معهم بالكلام، وأن يشجعوا، وتقوى قلوبهم، فقد يستوحشون في البداية، فإذا صادفوا المعلم الأرعن الذي يقسو عليهم منذ أول مجلس، ويتكلم معهم بكلام فظ غليظ يجرح فيه مشاعرهم، فإن هذا ينفرهم عن العلم، ويكرههم في أهل العلم، وللأسف فإن من طلبة العلم من لا يراعي هذه القضايا، وإن الجرح بالكلام أشد من جرح السنان، قد يُجرح إنسان بكلمة لا ينساها حتى يموت، فهذا الإنسان الذي جاء متحمسا يريد العلم، وهو يرى في هذا المعلم أن فيه من الأخلاق، والمثالية، ومكارم، ومحاسن الخلق ما لا يقادر قدره، فإذا رأى منه شيئا مما لا يجمل، ولا يليق فإن ذلك يزهده بما عنده من خير، وعلم ودعوة، ولذلك ينبغي أن يراعى هذا. 

وأن يتلطف بهؤلاء المتعلمين غاية التلطف، وأن لا يعاملوا بأخلاق صحراوية، وأن لا يعاملوا بكلام فيه مكاشرة، وفيه مغاضبة، أو فيه وعيد، وتهديد، وتنفير للقلوب، وإن من القول الحسن الذي أمرنا به المولي سبحانه وتعالي عندما قال تعالي " وقولوا للناس حسنا " هو التلطف مع الصغار، فإن هذا الصغير يحمل مشاعر لربما أرهف، وأرق من المشاعر التي يحملها الكبير، في كثير من الأحيان لا نتلطف بهذا، ونصدر بعض العبارات الجارحة التي تحطم نفوس هؤلاء الصغار، هؤلاء الصغار يفحصون الكلمات، والنظرات، والمعاملات التي نعاملهم بها فحصا دقيقا، وإذا أردتم أن تعرفوا ذلك تذكروا أيام الطفولة، إننا نتذكر جيدا أولئك الذين كانوا يتبسمون في وجوهنا من جيراننا، ومن معارفنا، ومن قراباتنا.

ونتذكر أولئك الذين كانوا لربما يشاوروننا في بعض الأمور، ولو كانت تافهة، ونتذكر أولئك الذين لم تخل جيوبهم قط من حلوى، أو هدية، ولو كانت حقيرة، ولربما شاب الإنسان، وهو يتذكر بعض المواقف من أولئك الذين كانوا يزجرونه، وينهرونه، ويحقرونه، ولربما تصرف الإنسان، وهو يشعر، أو لا يشعر بهذه الطريقة مع أولاده، أو مع أولاد إخوانه، أو قراباته، أو جيرانه، أو غير ذلك، ولربما تكلم ببعض العبارات التي تدل على تهميش وتحقير، وأنفة منهم، لربما طردهم طردا، وزجرهم زجرا وقد جلسوا على الطعام، يأنف أن يجلسوا معه، ولربما طردهم من المجلس أمام الآخرين بكلام يجرح مشاعرهم، هؤلاء يحسون ويشعرون ويتألمون ويؤثر فيهم ذلك أبلغ التأثير، فهذه التصرفات من شأنها أن تخرج نفوسا مهزومة. 

نفوسا منكسرة، نفوسا لا تجرؤ على مقابلة الآخرين، وإستقبال الضيوف والتحدث مع الرجال والجراءة فيما ينبغي أن تكون الجراءة فيه، إنما تخرج لنا نفسا منخزلة، صغيرة، متقوقعة لا تصلح لقليل، ولا لكثير من المروءات والرجولة والأمور الحميدة، فنحن الذين نصنع بهم ذلك، وقد لا نشعر في كثير من الأحيان.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.