"الجلابية مش لبس وقماش... دي راية عِز مرفوعة فوق كتف الرجال"

بقلم : عماد عبدالحميد سالم 

الجلابية اللي النهاردة بيمنعوها في بعض النوادي والفنادق لبسها رموز البلد قبل شعبها رؤساء وجنرالات ومشايخ كبار وقفوا بيها على منصات الفخر قبل منابر الدين دي الجلابية اللي كانت وما زالت الزي الرسمي لرجال الأزهر الشريف من أول الإمام الأكبر لآخر خطيب على المنبر لبسها الزعماء في لحظات التاريخ الجد مش وقت التمثيل ووقفوا بيها قدام العالم مرفوعين الهامة مش محرجين ولا مكسوفين لأنهم كانوا عارفين إنها مش مجرد قماش دي هوية بلد وراية شرف.

في بلد المفروض إنها بتفتخر بأصالتها وبتنادي دايمًا بالهوية المصرية نتفاجئ إن في أماكن شايفة نفسها راقية بتمنع دخول مواطن لابس الجلابية الصعيدي مش لأنه خالف قانون ولا ارتكب جريمة لكن لمجرد إن لبسه مش عاجبهم وده مش موقف فردي ولا قرار إداري دي إهانة صريحة لكرامة ملايين من الناس وخصوصًا أهل الصعيد اللي عمرهم ما كانوا ضيوف في بلدهم دول أصلها وسندها وتاريخها.

اللي فاكر إن الجلابية مجرد زي تقليدي يبقى ما يعرفش إنها لبس الرجالة اللي شالوا الغيط والدم والعرق والشرف لبس ناس طاهرة شافت التعب واحترمته والكرامة وحافظت عليها الجلابية مش ستايل الجلابية مقام الجلابية عنوان أصول ورجولة وتربية ومبدأ.

شافها الجد وهو بيعلّم والأب وهو بيزرع والأخ وهو بيراعي أهله وناسه شافها الضهر وهو محني على الأرض والركبة وهي راكعة لرب كريم والكتف وهو شايل مسؤولية بيت كامل من غير صوت عالي ولا منظر فارغ الجلابية اللي بتتمنع النهارده هي نفسها اللي بنت البلد امبارح ولسه بتصونها لحد النهارده في وقت الناس نسيت يعني إيه أصل.

بقت بعض الأماكن تحط لافتة غير مكتوبة اسمها دريس كود وتقولك إن الجلابية مش مناسبة وكأنها لبس مش محترم وكأن الستر بقى عيب وكأنك لازم تلبس حاجة من بره علشان تبقى مقبول جوا ده تمييز متغطي بشياكة بايخة ومظهر خادع والمشكلة إن ده بيتقال بهدوء ومن غير إعلان رسمي وكأن الجلابية بقت جريمة تستحق المنع.

طب هو إيه اللي مش مناسب في لبس راجل لابس جلابية نضيفة ومحترمة وطاهرة إزاي وصلنا لمرحلة إن في ناس بتتكسف من الجلابية وهي أغلى من ألف بدلة الجلابية اللي لابسها راجل تعب وشقي وربّى وبنى وأكّل وعالج وعلّم هو نفسه اللي بيدفع ضرايب زيك ويمكن أكتر وبيصلي وهو نضيف وبيشتغل وهو ساكت وبيحترم وهو مرفوع الراس.

إزاي تقلل من ده علشان القماش مش عاجبك وإزاي تعتبر اللبس مقياس للناس وإنت نفسك ممكن تكون جواك فاضي الناس مش بالمظهر الناس بالمعشر والبدلة اللي بتتباع بألوف ما تساويش تراب جلابية واحد وقف في طابور العيش وهو ساكت علشان عياله.

واللي بيمنع الجلابية النهارده هو نفسه اللي بكرة هيمنع لهجة أو لون أو أصل هو نفس العقل اللي بيقيس الكرامة بالماركة والقيمة بالمنظر والناس مش قطع ديكور علشان تناسب المكان الناس ليها قيمة بتلبسها مش قيمة بتلبسها.

فلو مش عاجبك شكل الجلابية حاول تفهم إن المشكلة مش في اللي قدامك المشكلة في نظرتك انت اللي محتاجة تتغير لأن الجلابية عمرها ما قللت من حد إنما في ناس كتير لبسوا كتير واتكشفوا.

الجلابية هتفضل شرف وأصل وعنوان لناس أجدع من الشرف نفسه واللي مش شايف قيمتها هو اللي ما يعرفش يعني إيه بلد ولا يعني إيه رجولة ولا يعني إيه احترام.