رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 3 يناير 2025 11:35 ص توقيت القاهرة

الحب الصادق لهذا الوطن

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 31 أكتوبر 2024
الحمد لله فتح باب التوبة للمذنبين، ووعد بحسن العاقبة للصادقين، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن الهجرة في سبيل الله تعالي سنة قديمة، ولم تكن هجرة نبينا المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم بدعا في حياة الرسل لنصرة عقائدهم، فلئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هاجر من وطنه ومسقط رأسه من أجل الدعوة حفاظا عليها وإيجاد بيئة خصبة تتقبلها وتستجيب لها وتذود عنها فقد هاجر عدد من إخوانه من الأنبياء عليهم السلام قبله من أوطانهم لنفس الأسباب التي دعت نبينا للهجرة، وذلك أن بقاء الدعوة في أرض قاحلة. 

لا يخدمها بل يعوق مسارها ويشل حركتها، وقد يعرضها للإنكماش داخل أضيق الدوائر، وقد قص علينا القرآن الكريم نماذج من هجرات الرسل وأتباعهم من الأمم الماضية لتبدو لنا في وضوح سنة من سنن الله في شأن الدعوات يأخذ بها كل مؤمن من بعدهم إذا حيل بينه وبين إيمانه وعزته، وإستخف بكيانه ووجوده واعتدي على مروءته وكرامته، فالصراع بين الحق والباطل صراع قديم وممتد وهو سنة إلهية نافذة، وإن المسلم الحقيقي يكون وفيّا أعظم ما يكون الوفاء لوطنه، محبّا أشد ما يكون الحب له، مستعدا للتضحية دائما في سبيله بنفسه ونفيسة ورخيصة وغالية فحبه لوطنه حب طبيعي مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة، وتؤيده السنة.

وتجمع عليه خيار الأمة، فيا له من حب فقيل لأعرابي كيف تصنعون في البادية إذا اشتد القيظ حين ينتعل كل شيء ظله؟ قال "يمشي أحدنا ميلا، فيرفض عرقا، ثم ينصب عصاه، ويلقي عليها كساه، ويجلس في فيه يكتال الريح، فكأنه في إيوان كسرى" أي حب هذا وهو يلاقي ما يلاقي إنه يقول أنا في وطني بهذه الحالة ملك مثل كسرى في إيوانه، وإن أغلى ما يملك المرء الدين والوطن، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه لأنه مهد صباه ومدرج خطاه ومرتع طفولته، وملجأ كهولته ومنبع ذكرياته وموطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، حتى الحيوانات لا ترضى بغير وطنها بديلا، ومن أجله تضحي بكل غالي ونفيس، والطيور تعيش في عشها في سعادة. 

ولا ترضى بغيره ولو كان من حرير، والسمك يقطع آلاف الأميال متنقلا عبر البحار والمحيطات ثم يعود إلى وطنه، وهذه النملة الصغيرة تخرج من بيتها ووطنها فتقطع الفيافي والقفار وتصعد على الصخور وتمشي على الرمال تبحث عن رزقها، ثم تعود إلى بيتها، بل إن بعض المخلوقات إذا تم نقلها عن موطنها الأصلي فإنها تموت، فالكل يحب وطنه، فإذا كانت هذه سنة الله في المخلوقات فقد جعلها الله في فطرة الإنسان، وإلا فما الذي يجعل الإنسان الذي يعيش في المناطق شديدة الحرارة، والتي قد تصل إلى ستين درجة فوق الصفر، وذلك الذي يعيش في القطب المتجمد الشمالي تحت البرد القارس، أو ذلك الذي يعيش في الغابات والأدغال يعاني من مخاطر الحياة كل يوم. 

ما الذي جعلهم يتحملون كل ذلك إلا حبهم لوطنهم وديارهم، لذلك كان من الحقوق والواجبات الإجتماعية في الإسلام والتي غرسها في فطرة الإنسان حقوق الوطن والأرض التي يعيش فيها ويأكل من خيرها ويعبد الله تحت سمائها، وأول هذه الحقوق الحب الصادق لهذا الوطن.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.