بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 31 يناير 2024
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد لما كانت طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل كانت العناية بهن أعظم والرفق بهن أكثر وقد تجلى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه فحث صلى الله عليه وسلم على رعاية البنات والإحسان إليهن وكان يقول "من ولي من البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار" بل إنه شدد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال "ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وضرب صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في التلطّف مع أهل بيته حتى إنه كان يجلس عند بعيره.
فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه، ولقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول للسيدة عائشة رضي لله عنها كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أُطلقك" متفق عليه، من حديث عائشة دون الاستثناء، ورواه بهذه الزيادة الزبير بن بكار والخطيب، وحديث أم زرع مشهور، وفيه أن أبا زرع كان يُكرم أم زرع أبلغ الإكرام، ويقدم لها من ألوان النعيم والنعم، وضروب السخاء والإذن لها في أن تمير أهلها ما جعل الرسول صلي الله عليه وسلم يختاره في هذا التشبيه على غيره من العرب، وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت.
"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يَلعبون في المسجد، حتى أكون أنا الذي أسأمه" ولأحمد عنها أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد، قالت فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه، فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت وانصرفت، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق، حتى روى أبو داود والنسائي من السنن الكبرى، وابن ماجة في حديث عائشة بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق عائشة في العدو، فسبقته يوما وسبقها في بعض الأيام، فقال صلى الله عليه وسلم "هذه بتلك" وعنها رضي الله عنه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي، ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم" رواه ابن عساكر.
ومما ينطق بلين جانبه، وخفض جناحه، وحسن أدبه مع زوجاته صلى الله عليه وسلم هو استشارة زوجته أم سلمة رضي الله تعالى عنها في أمر من أهم أمور المسلمين يوم الحديبية فقد عاهد النبي صلى الله عليه وسلم المشركين على ترك القتال عشر سنين، ووافقهم على شروط ظاهرها قيه الإجحاف بالمسلمين، فأغضب ذلك أصحابه، وأبوا أن يتحللوا بالحلق أو التقصير من إحرامهم بالعمرة ليعودوا إلى المدينة، وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينفذه واحد منهم، ولم يحصل مثل ذلك من قبل ولا من بعد، فأحزنه ذلك، وشقّ عليه، فذهب إلى السيدة أم سلمة يستشيرها، فقال صلى الله عليه وسلم "هلك الناس" فأشارت عليه بأن يخرج إليهم ويحلق رأسه، فعند ذلك يسرعون إلى حلق رؤوسهم.
وقد أصابت في قولها، فإنهم سارعوا إلى طاعته، وامتثلوا أمر نبيّهم واعتذروا عما كان منهم، وفي هذا دليل على أنه يرى للرجل أن يستشير أهله ليستطلع ما عندهم من حل ما تعقد من الأمور، وهذا من سماحة أخلاقه وشريعته صلى الله عليه وسلم.
إضافة تعليق جديد