رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 23 ديسمبر 2024 6:27 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن أسباب إنهيار الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون" وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن هناك بعض العناصر الأساسية التي تشكل المجتمعات، ومنها ما العادات والقيم، والدور المترتب على الأفراد، ومنظومة القوانين، والأهداف المجتمعية، والرغبات والطموحات، والتوقعات، ويعتبر التواصل بين الأفراد في النسيج الاجتماعي من أهم العوامل المؤثرة على الصحة النفسية، فمن دون مجتمع وعلاقات إجتماعية.
ينهار الإنسان جسديا ومعنويا، حيث يبدأ الإنسان منذ صغره عادة بتكوين علاقات اجتماعية أولها مع أمه، ثم أسرته والمجتمع، ويرتبط بقاء الإنسان على قيد الحياة بقدرته على التعايش الاجتماعي، ويختلف تعريف المجتمع باختلاف العلم الذي يعرف فيه، ويمكن تعريف المجتمع في علم الاجتماع بأنه تجمع بشري في نظام شبه مغلق، ومجموعة من الناس تعيش وفق أسس وقوانين متفق عليه، ويمكن تعريف المجتمع في علم الاجتماع، بأنه تجمع كتل سكانية في موقع معين، يتفق أفرادها على عادات وثقافات معينة، وليس المجتمع بمفهومه السطحي فحسب، وإنما الأسرة مجتمع، إذ إن الطفل حين يتأهل ويخرج من مجتمعه المصغر وهي أسرته، يسعى ليكون فردا فاعلا في المجتمع، وبذلك تتشكل نواة المجتمعات، وإن المدرسة مجتمع، وإن القبيلة مجتمع.
إذ تنطبق علها خصائص المجتمعات، إذ يتجمع أفرادها في موطن واحد، ويتبعون نفس التقاليد، ويتسم أغلبهم تحت نفس السمات، وتسودهم ثقافة واحدة، وإن ما يهيئ المجتمع الواحد ليكون على صورة رجل واحد، هو تكيف جميع أفراده مع الظروف نفسها، وخاصة الجغرافية، وإن أهم ما يميز المجتمع هو تعاون أفراده وتمسكهم ببعضهم، ويلبي كل فرد منهم حاجاته ومتطلباته، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم، على التعاون والتراحم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن صلى الله عليه وسلم قال " من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا فليس منا " وعن جرير بن عبد الله رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَال " من لا يرحم لا يرحم " فهذا هو طفل صغير كان يعيش في كنف أبيه الذي كان يغدق عليه من حبه وحنانه.
فاستثار ذلك الحب والحنان إخوته من أبيه عليه، فحقدوا عليه بلا ذنب ارتكبه، ولا تقصير في جانبهم فعله، فأخذوا يتفكرون فيها كيف يتخلصون منه، ثم استقر رأيهم على أن يلقوه في بئر، يلتقطه بعض قاطعي الطريق، واحتالوا على الأب، وأخذوا الطفل البريء، وجردوه من ثوبه، وألقوا به بلا رحمة أو شفقة، أو مراعاة لدم النسب الذي بينهم في غياهب ذلك البئر، أرادوا إبعاده عن أبيه وأراد الله شأنا آخر، فمكث في ذلك البئر ينتظر الفرج ممن بيده مفاتيح الفرج، وبينما هو في مجلسه ذاك إذا بحبل ودلو يتدلى فتمسك به وصعد، وإذا به بين يدي رجال قساة القلوب فرحوا به لا لأنه إنسان أنقذوه، ولكن لأنه يمكن بيعه في سوق العبيد، وأخذوه وباعوه، وبدأ في رحلة مرهقة متعبة، فمن كيد النساء إلى السجن، حتى مكن الله له بعد ذلك في الأرض.
وإذا بأخوته الذين كادوا له أتوه فقراء محتاجين، فلما عرفوه قاموا يعتذرون، فهل انتقم منهم؟ هل عاقبهم على رحلة العناء والتعب التي كبدوه إياها على حرمانه من حنان الأب الذي حرموه إياه؟ فإن هذه الصورة نهديها ناصعة تضيء بنور هذا الخلق العظيم، خلق العفو والصفح والمسامحة، إلى إخوة من أمة الإسلام، حملهم رحم واحد، ورضعوا من ثدي واحد، وأكلوا من إناء واحد، وضمهم بيت واحد، ثم إذا بينهم قضايا ومحاكم وشرط، وهجر يصل بالأعوام والسنين، يلتقيان على سفرة واحدة، في مناسبات مفرحة، أو محزنة، ويأكلان من إناء واحد، ولا يكلم بعضهم بعضا، نسائلهم أين أنتم من كتاب ربكم؟ الذي بين أيديكم يقص عليكم قصة يوسف وإخوته؟

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.