بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 9 يناير 2024
الحمد لله الذي إليه المرجع والمآب، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له الغفور الرحيم التواب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبين وإمام المرسلين، وأول شافع وأول مشفع في يوم الحساب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم ينشق عن الموتى التراب، أما بعد إن تعظيم شعائر الله تعالي مطلب شرعي وضرورة ملحّة، ذلك أن المساجد بيوت الله وتعظيمها من تعظيم من تنسب إليه، ويستثنى من ذلك النساء فإنهن أمرن بعدم مس الطيب عند إتيان المساجد بل امرن أن يخرجن تفلات غير متطيّبات ولا متجملات، وقال عليه الصلاة والسلام أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة" رواه مسلم.
وقال إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا" رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهنّ تفلات" رواه الإمام أحمد وأبو داود، وقال ابن حجر أي غير متطيبات ويقال امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح، ولذلك من الخطأ أن تبخر النساء في المساجد، ولقي أبو هريرة رضي الله عنه امرأة فوجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعصار، فقال يا أمة الجبار جئت من المسجد ؟ قالت نعم، قال وله تطيبت ؟ قالت نعم، قال إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة" رواه الإمام أحمد وأبو داود، وإن الأخذ بتلك الآداب عند إتيان الصلاة والوقوف بين يدي الله ليدل على تعظيم الله تعالي.
والتأدب معه سبحانه وتعالى، وإن لرسالة المسجد أثر كبير في صلاح الفرد والمجتمع في جميع مجالات الحياة، فهناك أثر رسالة المسجد في المجال الديني والروحي، حيث أن للمسجد أثره الفعال في الجانب الروحي والعبادي، ويكفي أنك بمجرد قراءتك لأم الكتاب تفتح بابا لمناجاة ربك، بل إنك حينما تدخل المسجد فإنك تقوم بحرق ذنوبك خمس مرات يوميا، حيث قال صلى الله عليه وسلم "تحترقون تحترقون فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا" فضلا عن الراحة النفسية.
فكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ويقول "أقم الصلاة يا بلال أرحنا بها" رواه أبوداود، فالإنسان مكون من جسد وروح، فكما يغذي جسده بالطعام مرتين أو ثلاثا يوميا فعليه أن لا يهمل غذاء الروح وإلا أصبح حيوانيا، وكما أن هناك أثر لرسالة المسجد في المجال الدعوي، فالمسجد هو الأساس في المجال الدعوي ليس للمسلمين فحسب، ومن اللطائف عن المسجد هو جواز إدخال الكافر للتعليم، لأن يسمع كلام الله في المسجد، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه كما جاء في الصحيحين "أن ثمامة بن أثال، وهو سيد بني حنيفة، أراد أن يهاجم الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة، وكان قائد بني حنيفة، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا أعدو عليه إن شاء الله.
فأرسل عليه أبا سليمان خالدا سيف الله المسلول، فصاده خالد كما يصاد الثعلب، وأتى به إلى المدينة وربطه في المسجد، وخرج عليه الصلاة والسلام على هذا السيد، وكان من رجالات العرب، قال يا محمد، إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، أي يقول إن عفوت عني سوف أحفظ جميلك، وإن قتلتني فلا تظن أن دمي سوف يذهب هدرا، ورائي ألوف فتركه عليه الصلاة والسلام وصدف عنه، وكان يسمعه آيات الله البينات في الصلوات، فلما سمع كلام الله ثلاثة أيام، قال أطلقني يا محمد، فأطلقه، فذهب إلى النخل واغتسل وأتى وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
إضافة تعليق جديد