رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 7 يوليو 2024 2:53 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن إحترام الشريعة والإعتزاز بها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله فتح باب التوبة للمذنبين، ووعد بحسن العاقبة للصادقين، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته يكون في احترام شريعته وعدم تقديم العقل عليها والاعتزاز بها والعمل بموجبها والدعوة لها، ولقد وعى المسلمون هذا الأدب الرفيع وتجاوزوا به كل أستاذ وعالم جليل لا يزعجونه حتى يخرج إليهم ولا يقتحمون عليه حتى يدعوهم، ويحكى أن أبا عبيد العالم الزاهد الرواية الثقة رحمه الله أنه قال ما دققت بابا على عالم قط حتى يخرج في وقت خروجه. 

ويقول ابن القيم إذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سببا لحبوط أعمالهم فكيف بتقديم آرائهم وأقوالهم علي رأي وقول النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ماذا كان يعني الوفاء بالعهد عند أجدادنا؟ وما معنى كلمة العهد؟ فقد كان أحدهم إذا قال للآخر هذا عهد الله بيننا، كان كافيا لإبرام عقد أو اتفاق، امتثالا لقول الله تعالى " وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤلا" وخوفا من تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" فما معنى العهد؟ فقال الإمام الجرجاني "هو حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال، هذا أصله ثم استخدم في المُوثق الذي يلزم مراعاته" وللعهد معانى كثيرة منها الموثق، واليمين، والوصية، والوفاء، والأمان، والضمان وغيرها، وهذه المعاني هي التي كانت راسخة ومستقرة في علم وعُرف السابقين رحمهم الله.

فكان لفهمهم السليم الأثر الإيجابي في حياتهم الخاصة والعامة، فماذا وقع؟ هل هو جهل باللغة؟ أم بالفهم الصحيح لأمور الدين؟ أم هو إعراض واتخاذ للقرآن مهجورا؟ ولا يحتاج الأمر للجواب، إذ لا داعي لتوضيح الواضح، وشرح الفاضح الذي يدل عليه واقع الكثيرين من عباد الله إلا من رحم الله، فإن الوفاء بالعهد قيمة أخلاقية وإنسانية عظيمة، فبالوفاء بالعهد تدعم الثقة بين أفراد الأسرة، والمجتمع، وبها تطمئن النفوس لبعضها البعض، وبها تنمو أواصر التعاون بين الأفراد والجماعات، والوفاء بالعهد شُعبة من شُعب الإيمان، فهو دليل على صدق إيمان وعنوان استقامتهم، فمن يراقب المتعاهدان أثناء تعاهدهما؟ إنه الله الرقيب السميع البصير، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وإن الوفاء بالعهود خصلة من خصال المومنين الصالحين، وأدب رباني جليل، وخلق نبوي كريم.

وسلوك إسلامي حميد، فمن أعطى عهدا لله أو لعباد الله فقد أصبح مسئولا على الوفاء به، ولهذا أمر الإسلام بضرورة التحلي بالوفاء بالعهود والعقود، ولقد جعل الله سبحانه الوفاء بالعهد من صفات أهل الصلح والفلاح والإيمان، ولما كان للوفاء بالعهد هذا الفضل وهذه المكانة والمنزلة، تخلق به كل الأنبياء والرسل عليهم السلام، وينقسم العهد إلى قسمين، عهد بين الله والناس، وعهد بين الناس بعضهم بعضا، أما العهد مع الله، فقد كان مبدأه في عالم الغيب، على الإيمان بالفطرة، ثم العهد على التوحيد والإحسان والعمل الصالح في هذه الدنيا، ويأتي الوفاء مع الناس بتقديم الوفاء بعهد الإحسان للوالدين، وحسن معاملة الأزواج، والأقارب، وحسن الجوار، والإحسان إلى عامة المسلمين، ثم عامة الناس فيما لا يتعارض مع طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ومن الوفاء بالعهد ما يتعلق بالمعاملات المالية التي هي أصل المشاكل في زماننا بين الكثير من الناس، وكذا الوفاء بالعهد في مجال الكيل والميزان، ويأتي في هذا السياق أيضا، الوفاء بالعهد بأداء الأمانات لأهلها وسرعة تسديد الديون لأن "مطل الغني ظلم" كما جاء في الحديث الشريف، واعلموا أن نقض العهود وعدم الوفاء بها علامة من علامات النفاق التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التحذير فقال "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان" فهذه علامات الدنيا، وأما في الآخرة فينصب له لواء يعرف به بين الأشهاد.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.