بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الأحد الواحد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو المستعان على ما نرى ونشاهد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد عظم البلاء وقلّ المساعد، وحسبنا الله ونعم الوكيل وقد عظم الخطب والكرب زائد، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أفضل أسوة وأكرم مجاهد، صلى الله عليه وعلى آله أولي المكارم والمحامد، وصحبه السادة الأماجد والتابعين ومن تبعهم بأحسن السبل وأصح العقائد، وسلم تسليما كثيرا، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه اجمعين وسلم تسليما كبيرا أما بعد فإن المتأمل في سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يجد أنها ملئ بتلك الأخلاق الرائعة التي امتدحه الله عزوجل بها في قوله تعالى " وإنك لعلي خلق عظيم ".
ومن هذه الأخلاق والتي أساس في دعوته وتعامله صلى الله عليه وسلم هو خلق الرحمة فتأمل الوصف القرآني لهذا الخلق " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " وتجلى هذا الخلق في حياته صلى الله عليه وسلم ببعض الأمثلة التي توضح ذلك الخلق الرفيع فمن هذه الأمثلة أنه قال صلى الله عليه وسلم " يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا " رواه البخاري ومسلم، وعندما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى " إن تعذبهم فإنك عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " رفع يديه صلى الله عليه وسلم وقال " اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل ياجبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بما قال.
فقال الله ياجبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك" رواه مسلم، وإن هناك بعض الناس خلقهم الله تعالي لهم أبصار وأسماع لا يوجهونها إلى التأمل والتفكر فيما يرون من آيات الله في خلقه، وفيما يسمعون من آيات الله المنزلة على رسله، ومن أخبار التاريخ الدالة على سننه تعالى في خلقه، فيهتدوا بكل منها إلى ما فيه سعادتهم في دنياهم وآخرتهم، ولقد انتقد جهل المسلمين بالعلوم الطبيعية، حتى وإن أخذها بعضهم فإنه يقلد الغرب ويبحث عن منافع الأشياء للاستفادة منها في الحياة الدنيا، دون أن تكون تلك العلوم موصلة له إلى الآخرة، فقال "ومن أصاب منهم حظا من هذه العلوم ويقصد المسلمين فإنما أخذه عن الإفرنج أو تلاميذهم المتفرنجين فكان مقلدا فيه لهم لا مستقلا.
ولم يتجاوز طريقهم في البحث عن منافع هذه الأشياء لأجل الانتفاع بها في هذه الحياة الدنيا، وإنه يصدق على هؤلاء العلماء الذي استعملوا عقولهم وأبصارهم وأسماعهم في استنباط حقائق العلوم ونفعها المادي العاجل، ما يصدق على الذين أهملوا استعمالها، وآثروا الجهل على العلم بها، فقال تعالى " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون" والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم أكرمه الله تعالى بأن ختم الله به الرسالات وأتم به النبوات وأنزل عليه آخر الكتب السماوية الذي هو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والجن كما مرّ معنا أنهم مخلوقون من نار، ومع ذلك لما رزق بعضهم الإيمان رزق التأثر بالقرآن.
إضافة تعليق جديد