رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 6 مايو 2024 3:27 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن إقامتكم في هذه الدنيا محدودة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا، ودبر عباده على ما تقتضيه حكمته وكان بهم لطيفا خبيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وكان على كل شيء قديرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة وبشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن إقامتكم في هذه الدنيا محدودة وأيامكم معدودة وأعمالكم مشهودة، فوالله ثم والله إنه لينتظرنا كأس لزاما علينا أن نذوقه إنه الموت فوالله لأموت أنا وتموت أنت ويموت كل حي شئنا أم أبينا رضينا أم لم نرضى، وأن بعد الموت قبر وبعث ونشور وكتاب يسطر كل ما عملناه في أعمارنا وأن هناك يوم جزاء وحساب. 

فإما جنة أو نار، جزاء على ما قدمناه في أيامنا وحياتنا، فمن قضى عمره في طاعة ربه ومولاه وقدم خيرا فهو إلى خير ونعيم أبدي إنشاء الله، ومن قضى عمره في اقتراف الشرور المعاصي وإغضاب ربه عز وجل فهو إلى شر وشقاء أبدي ألم يتداركه الله عز وجل برحمته، فهل ترى هذه الأعمال والحركات والرصيد المتجمع خلال عام أليس خليقا بالمحاسبة والتذكر؟ والمحاسبة النافعة هي التي تقود صاحبها إلى استدامة عمل الخير، وقصر النفس قدر المستطاع عن عمل السوء، والنظر في العواقب تلقيح العقول وكما قيل من أقوال الحكماء "شيئان إذا عملت بهما أصبت خير الدنيا والآخرة، تحمل ما تكره إذا أحبه الله، وتترك ما تحب إذا كرهه الله" وقال العارفون "ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم، 

وانظر كل عمل كرهت الموت من أجله فاتركه، ثم لا يضرك متى مت"؟ فكم تلهينا الدنيا وهي متاع الغرور، فتمر الأيام والأعوام سراعا بلا تفكير، وكم تفتنا بزينتها، ومتاعها في الآخرة قليل، وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون، وكل نفس مصيرها إلى الموت والفناء، وكم نتساهل بالذنوب، وهي كما قيل مهلكات تفوت على الإنسان سعادة الدنيا والآخرة، وتحجبه عن معرفة ربه في الدنيا، وعن تقريبه في الآخرة، وفي سبيل محاسبة أنفسكم في نهاية عام وابتداء عام، تذكروا أن أشق شيء على النفوس جمعيتها على الله، وهي تناشد صاحبها أن لا يوصلها إليه، وأن يشغلها بما دونه، فإن حبس النفس على الله شديد، وأشد منه حبسها على أوامره، وحبسها عن نواهيه، فهي دائما ترضيك بالعلم دون العمل، فما أجمل الأعمار تختم بالتوبة والاستغفار.

وسبيل المسلم في ذلك أن نختم كل عمل، وكل مجلس، وكل خطأ أو ذنب بالتوبة والاستغفار، ولا يزال الله يعفو ما أحدث العبد توبة وندما واستغفارا، فإن نسيت التوبة أو فاتك الاستغفار في شيء من أيام العام، فلا يفوتنك ذلك في نهاية العام، فالأعمال بالخواتيم، وصحائف العام لم تطو بعد، فأشهد ربك على توبتك، ولا تصر على صغيرة، أو تحقرن من الذنوب شيئا وإن داخلك الشيطان بتعاظم ذنبك وعدم مغفرة ربك، فاعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء، والله يغفر جميعا، فإن الله كريم يحب عبده إذا اقترب منه، ويمحو عنه زلاته، فقال الله عز وجل في الحديث القدسي "من عمل حسنة فله عشر أمثالها أو أزيد، ومن عمل سيئة فجزاؤه مثلها، أو أغفر، ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة، ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.