بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 18 يناير 2024
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد إن خطبة الوداع هي الخطبة البديعة التي تكلم بها أطهر فم وأفصح لسان على وجه الأرض وهو رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم، فتكلم فيها عن أعلان حقوق المرأة في الإسلام ووصية الإسلام بها، وقد قام قوم عميت بصيرتهم وملاء الحقد قلوبهم بتزعم دعوى أن الإسلام دين يهين المرأة وينتقص من كرامتها يوم أن شرع للرجل ضربها، فنقول لهؤلاء تعالوا وانظروا في الإسلام بعين البصيرة إن كان بقي عندكم شيء منها تعالوا أزيحوا نظارة الحقد الأسود عن أعينكم والتي حجبت عنكم نور الإسلام وحكمته، نقول لهم هل أطلق الإسلام يد الرجل في ضرب المرأة وترك الأمر له ؟
وهل جعل الأساس في التعامل بين المرأة والرجل ضرب الرجل لها ؟ فإن قالوا نعم فنقول لهم إنا نتحداكم أن تأتوا بحديث أو آية فيها ذلك الإطلاق، فإن الإسلام جعل الأساس هو إكرام المرأة وإعزازها فهذا قدوة المسلمين عامة ما ثبت ولن يثبت أن ضرب امرأة قط صلوات ربي وسلامه عليه بل يوم أن اشتكت النساء من رجال يضربونهن قال صلي الله عليه وسلم "ليس أولئك بخياركم" أبوداود وغيره، ولو كان ذلك الأمر هو الأصل لما قال ذلك ولكان أول الضاربين صلي الله عليه وسلم، فإن الإسلام جاء ليحمي المرأة من الضرب فهي العنصر الضعيف فمهما كان طولها أو عرضها فإنها لاتستطيع أن تصمد أمام الرجل في الغالب فهو الأقوى جسديا وإذا ما استعصت لغة التفاهم فإن الرجل سيلجأ لاستخدام قوته عليها في الغالب فمنعه الإسلام من ذلك.
وجعل الأساس في العلاقة الزوجية المودة والرحمة، ولم يجعل الضرب إلا للمرأة التي خالفت طبيعة الأنثى الناعمة الرقيقة والتي تستطيع بابتسامتها ورقتها ودلالها ودموعها أحيانا أن تذيب صلابة الرجل وقوته ولو كان كالجبل الأصم لينقاد لها كالناقة الذلول، فلما تمردت على هذه الفطرة كان وسيلة ردها إليها الضرب وجعل قبله مراحل تحد من بطش الرجال بالنساء، وتأملوا إلى هذه الخطوات الرفيقة بالمرأة فكلها تسعى لإشعار المرأة بأنها قد بدأت تفقد طبيعتها الأنثوية وأنها بدأت تصير في طريق الخطر، فإذا أبت واستمرت في غيها كان الضرب ولكنه ليس ضرب الانتقام حيث تكسّر العظام وتحدث العاهات والتشوهات بل ضرب فيه رأفة ورحمة بالمرأة ومراعاة لرقتها وأنوثتها حيث وصفه صلى الله عليه وسلم بقوله " ضربا غير مبرح".
ثم إن مما يجدر الوقوف عنده ما افتتح به صلوات ربي وسلامه عليه الكلام عن النساء في هذه الخطبة حيث قال صلي الله عليه وسلم "فاتقوا الله في النساء" وهذه الوصية العظيمة التي نجدها في القرآن وفي الحديث كلما ذكر النساء ، فإذا تأملت في سورة النساء وجدت أن أغلب أياتها ختمت بوصف الجليل نفسه أنه "عليم حكيم أو عليم حليم " وفي هذا تخويف وردع لمن تسول له نفسه من الرجال أن يظلم النساء بأن الله مطلع عليم بما يفعل وإذا تأملت سورة الطلاق رأيت كثرة الوصية بالتقوى، وهكذا في أغلب نصوص التشريع لا تذكر المرأة إلا وإلى جوارها ما يربط القضية باطلاع الله وعظمة الله وقوة الله وفي هذا تذكير مستمر للرجل يذكره بأن المرأة وإن كانت عنصرا ضعيفا رقيقا في المجتمع فإن الله معها إن ظلمت وناصرها في الدنيا أو في الآخرة.
إضافة تعليق جديد