بقلم / محمـــد الدكـــروري
تحقق المنهجية الإسلامية تقدما واضحا عندما تتمرس على طرق الاستدلال والقياس الذي حث عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في إقراره مبدأ الاجتهاد بالرأي عندما لا يندرج الأمر تحت النصوص الثابتة في الكتاب والسنة، وإذا اعتبر القياس هو رابع الأدلة فإليه الفضل في تطوير علوم الفقه ثم أصوله، وبهذا أصبحت الطريق ممهدة لاستلهام الأسس المنهجية للبحث في شئون الطبيعة والحياة، وإن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتم إلا بمعرفة سنته صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدى" وقال أيضا "طلب العلم فريضة على كل مسلم" وإن من أوجب التعلم هو تعلم سنته صلى الله عليه وسلم، وإن أركان الإسلام هي الأصول التى بُني عليها شرع محمد صلى الله عليه وسلم.
وتشكل أعظم الواجبات التي تلزم المسلم، وقد ذكرها النبى الكريم صلى الله عليه وسلم مجتمعة في حديثين صحيحين فقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام "الإسلام هو شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله من استطاع إليه سبيلا" وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم "بُني الإسلام على خمس، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت" ويدخل الإنسان إلى الإسلام بنطقه شهادة أن لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، ولو مرة في حياته، وذلك بإجماع العلماء، فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله تنقسم إلى شقين متلازمين لا ينفك أحدهما عن الآخر، فالشق الأول هو شهادة أن لا إله إلا الله.
وتشتمل على حق الله تعالى الذى هو إفراده في العبادة، والشق الثاني هو شهادة أن محمدا رسول الله، وتشتمل على حق النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو إفراده في الاتباع، فلا يمكن أن يقبل الله عز وجل منك شهادة أن لا إله إلا الله، حتى تكون على شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى فى كتابه الكريم " من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا" وأما معنى أشهد أن لا إله إلا الله، أي أعتقد بقلبي وأقر بلساني وأبرهن بجوارحي أن لا معبود بحق إلا الله تعالى، فمعنى إله أى معبود، فيكون المعنى لا معبود بحق إلا الله، فكما نرى المعبودات كثيرة، فقد عُبد القمر والشمس وألهت الكواكب، بل نجد في بلد كالهند آلاف المعبودات، كلها ألهت بالباطل، إلا الله سبحانه وتعالى هو الذي عُبد بالحق وحده لا شريك له.
لأنه هو الخالق الرزاق المالك المدبر لشؤون خلقه، فقال تعالى " ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير" وتشتمل لا إله إلاّ الله على ركنين، فالركن الأول هو نفي استحقاق العبادة عن غير الله عز وجل وهو مُضمّن في "لا إله" والركن الثاني وهو إثبات استحقاق العبادة لله وهو مُضمّن في "إلا الله" فقال سبحانه وتعالى " وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون، إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين" فقد نفى الخليل إبراهيم عليه السلام استحقاق العبادة عن غير الله في قوله " إننى براء مما تعبدون" وأثبت استحقاقها لله سبحانه في قوله " إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين" وقال سبحانه وتعالى " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم"
إضافة تعليق جديد