بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 4 فبراير 2024
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد إن الأم الحانية والأب المتزن وما يتسمان به من متابعة لأبنائهما بالعقل الواعي والمعاملة الطيبة يصنعان ما لا يصنعه كبار علماء التربية، حتى لو لم يعرفا تفاصيل التربية، ولقد دلت تجارب العلماء على ما للتربية في الأسرة من أثر عميق خطير يتضاءل دونه أثر أية منظمة اجتماعية أخرى في تعيين الشخصيات وتشكيلها، خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة وذلك لعدة أسباب منها أن الطفل في هذه المرحلة لا يكون خاضعا لتأثير جماعة أخرى غير أسرته.
وأنه في هذه المرحلة سهل التأثر وسهل التشكيل، شديد القابلية للإيحاء والتعلم، قليل الخبرة، عاجز، ضعيف الإرادة، قليل الحيلة، وكما ثبت أن السنوات الأولى من حياة الطفل فترة خطيرة في تكوين شخصيته، وتتلخص هذه الخطورة في أن ما يُغرس في أثنائها من عادات واتجاهات وعواطف ومعتقدات يصعب أو يستعصى تغييره أو استئصاله فيما بعد، ومن ثم يبقى أثرا ملازما للفرد خلال سنوات عمره المقبلة، وإن الطفل يولد نقيا من كل الشوائب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" ولو تُرك الطفل على هذه الفطرة من غير تأثير لما كان إلا مسلما ولكن الحجب والقدوة السيئة قد تحول دونها، لذا فواجب الأبوين المسلمين رعاية فطرة الأبناء.
والإجتهاد في تحسين تربيتهم، ولا يكفل للوالدين النجاة يوم الحساب إلا أن يبذلا ما في وسعيهما لصلاح رعيتهما، ومن هنا نؤكد على الوالدين وكل المربين أن يتقوا الله في هذه الأمانة، فهم يوم القيامة عنها مسؤولون، وقد عرف أعداؤنا أهمية الأسرة، فحرصوا على تمزيق أواصرها، وسلكوا من أجل ذلك كل السبل، فتارة بالدعوة إلى الإباحية وتفكيك روابط الأسرة، وأخرى بدعوى المرأة إلى التخلي عن واجباتها الأسرية، وثالثة بإحلال المؤسسات التربوية الجماعية محل الأسرة، وإن من أهم ما ينبغي أن يهتم به الوالد هو تربية ابنه تربية ثقافية، وعدم إهمال هذا الجانب أو نسيانه، لأن العالم المعاصر يحتاج ذوي الثقافات الخاصة والعالية، والثقافة هي مجموعة "العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق فيها"
والحقيقة أن العصر الذي نعيشه يتسم بأنواع كثيرة من الثقافات، منها الأوعية الثقافية للطفل ودورها في تنمية ثقافته وتوعيته، ونستطيع أن نجمل أهم هذه الأوعية في أربعة الأسرة والمسجد ودور العلم ووسائل الإعلام، فالأسرة لها دور كبير وخطير في توعية الطفل وتثقيفه ثقافة دينية، وثقافة تربوية وعلمية، وعلى الوالد أن يجلس مع أولاده بعض الوقت كل يوم، يلاعبهم ويعلمهم، ويبث فيهم معتقداته وأفكاره، ولا يتحجج أحد بأنه ليس لديه الوقت الكافي للجلوس مع الأولاد، لا بد أن يخصص لهم وقتا ولو قصيرا، لأنهم مسؤولون منه، وفي الحديث الشريف "وإن لأهلك عليك حق" فللمرأة وللأولاد على الرجل حق.
ولابد أن يعطيهم جزءا من وقته، وهذا ويقع على الأم العبء الأكبر في هذا الموضوع، فهي الأقرب للأطفال، وهي التي تجلس معهم الوقت الأكثر، والمراحل الأولى من العمر خصوصا، ولذلك فقد إعتنى الإسلام بحسن إختيار الرجل زوجته، واختيارها على أساس الدين، وواجب على الأب أن يوضح للزوجة ما خفي عنها من الأمور، ويوفر لها الوسائل لتربية أبناءها وتثقيفهم.
إضافة تعليق جديد