رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 8 يوليو 2024 8:37 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الإستعفاف عن مسألة الناس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضينا بالله تعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ثم اما بعد إن من الأعمال الصالحه هى مقابلة الإساءة بما هو أحسن، حيث قال الله عز وجل فى سورة فصلت " ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم" وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله إذا أساء إليك إنسان، فلا تقابله بإساءة، ولا تقابله بحسنة أيضا، بل قابله بما هو أحسن، فإذا دفعت بالتي هي أحسن فاجأتك هذه الحال، وهي أن تنقلب عداوة الشخص الذي أساء إليك، فيصير كأنه ولي حميم، يعنى صديقا قريبا،لا تستبعد، هذه الأمور بيد الله، وكم من عدو انقلب صديقا، وصديق انقلب عدوا، وقال العلامة السعدي رحمه الله أي إذا أساء إليك مسيء. 

من الخلق خصوصا من له حق عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم، إساءة بالقول، أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان، حصل فائدة عظيمة، فقيل أنه سُرقت دراهم من ابن مسعود رضي الله عنه، فجعل الناس يدعون على من سرقها، اللهم اقطع يد السارق، فقال اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك فيه، وإن كان حملته جرأة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه، وقد قال رجل لعمرو بن العاص رضي الله عنه والله لئن قلت لي كلمة لأقولن لك عشرا، قال له عمرو، وأنت لئن قلت لي عشرا لم أقل لك واحدة، وقال رجل لسالم بن عبدالله بن عمر ما أراك إلا رجل سوء، فقال ما أحسبك أبعدت، وذكر أن رجلا سب رجلا وقال له إياك أعني، فقال الآخر وعنك أعرض، وإن مقابلة الإساءة بما هو أحسن، يحتاج لصبر ومجاهدة. 

إذ إن النفوس تحب الانتقام ممن أساء إليها، لكن من تذكر الثواب من الله، ومحبة الناس له، هان عليه ذلك، وأيضا من طرق السعادة هو الزهد فيما في أيدي الناس، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته، أحبني الله، وأحبني الناس، فقال "ازهد في الدنيا، يُحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يُحبك الناس" رواه ابن ماجه، وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله الزهد فيما في أيدي الناس، مُوجب لمحبة الناس، وقال الحسن لا تزال كريما على الناس، أو لا يزال الناس يكرمونك، ما لم تعاط ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك، استخفوا بك، وكرهوا حديثك، وأبغضوك، وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بالاستعفاف عن مسألة الناس، والاستغناء عنهم. 

فمن سأل الناس ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه، لأن المال محبوب لنفوس بني آدم، فمن طلب منهم ما يحبونه، كرهوه لذلك، وأما من زهد فيما في أيدي الناس، وعف عنهم، فإنهم يحبونه، ويكرمونه لذلك، ويسود به عليهم، كما قال أعرابي لأهل البصرة من سيد أهل هذه القرية ؟ قالوا الحسن، قال بما سادهم؟ قالوا احتاج الناس إلى علمه واستغنى هو عن دنياهم، وإن من طرق السعادة أيضا هو إهداء الناس وقبول هداياهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تهادوا تحابوا" وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر" رواه أحمد، فالهدية جالبة للمحبة، وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن صفوان بن أمية قال والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليّ فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ " رواه مسلم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.