رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 أبريل 2024 1:09 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن العادة طبع ثاني

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 28 مارس 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، أما بعد لئن كان الإنسان في الدنيا يبذل جهده ليحمي ماله ويحفظ نفسه من الفلس، فإن طالب النجاة أولى أن يحمي حسناته من الضياع يوم القيامة وألا يكون من المفلسين يوم الدين، ولقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابة ويعلمهم ويحذرهم، فجلس معهم صلى الله عليه وسلم ذات يوم فسألهم " أتدرون ما المفلس؟" قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا،
فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" رواه مسلم، وهذا هو الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضى الله عنه يروى أنه قال كان صديقا لأمية بن خلف، فنزل ليطوف بالكعبة في ساعة خلوه فلقيهما أبو جهل فقال يا أمية من هذا، الذي معك فقال هذا سعد بن معاذ فقال له أبو جهل يا سعد أراك تطوف بمكة آمنا وقد أويتم الصباة، أما والله لولا أنك مع أبا صفوان لقتلتك، وما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له سعد بن معاذ، ورفع صوته عليه أما والله يا أبا جهل، لئن منعتني هذا لأمنعنك من المرور في طريقك الى المدينة، فقال له أمية لا ترفع صوتك يا سعد على أبا الحكم فهو سيد أهل الوادي فغضب سعد بن معاذ ؤضي الله عنه، فقال سعد بن معاذ يا أمية والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
إنهم قاتلوك فتغير وجهه وتغير لونه وقال يقتلوني بمكة ؟ قال لا أدري قال يقتلوني أنا ؟ قال نعم قال فوالله ما يكذب محمد إذا حدث، فلما رجع أمية إلى أهله قال يا أم صفوان ألم تري ما قال لي سعد قالت وما قال لك، قال زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي فقالت يا أمية والله ما يكذب محمد إذا حدث، فقال أمية والله لا أخرج من مكة أبدا فلما كان يوم بدر جاءة أبو جهل فقال يا أبا صفوان لو رأى الناس أنك قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك فلم يزل به أبو جهل حتى قال أما إذ غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة ثم قال أمية يا أم صفوان جهزيني فقالت له يا أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك سعد بن معاذ قال لن أخرج معهم إلا قريبا فلما خرج أمية فلم يزل بذلك الوعيد من رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى قتله الله عز وجل ببدر.
فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الأحنف بن قيس "ما كذبت من يوم أسلمت إلا مرة واحدة" وكان السلف يدققون فيه جدا، ولقد لقي الإمام أحمد رحمه الله، بعض أصحابه فقال كيف حال أولادك؟ فقال الرجل يقبّلون يديك، قال الإمام أحمد "لا تكذب" وإن الكذب له دواع كثيرة ومنها أن يجلب لنفسه مغنما أو يدفع عن نفسه ضررا، أو أن يقول الناس لا يقبلون حديثي ويقبلون عليّ إلا إذا كذبت، ولأني لا أجد من الأخبار الصحيحة ما أطرفهم به ويستظرفون به حديثي، فيستحل الكذب ويأتي بعجائب وغرائب من أجل أن يضحك الناس ويجمعهم حوله، وقد يكون الكذب من أجل التشفي بالخصم فيكذب عليه لأجل تشويه سمعته مثلا وهكذا، وهذا الكذب خلق ذميم من اعتاده صعب عليه جدا أن يتخلص منه.
لأن العادة طبع ثان، إنسان فيه طبع يولد من بطن أمه فيه، والعادة التي يتعود عليها الإنسان طبع ثان ويصعب جدا تغيير الطباع، وقال بعض السلف "من استحلى رضاع الكذب عسر عليه الفطام" وقال بعضهم لولده "يا بُني، احذر الكذب فإنه شهي كلحم العصفور من أكل منه شيئا لم يصبر عنه".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.