رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 7:20 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن القسوة علي الحيوان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد شدد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المؤاخذة على من تقسو قلوبهم على الحيوان ويستهينون بآلامه، وبين أن الإنسان على عظم قدره وتكريمه على كثير من الخلق، فإنه يدخل النار في إساءة يرتكبها مع الحيوان، فقد دخلت النار امرأة في هرّة، حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها وفي المقابل دخلت الجنة امرأة بغي في كلب سقته، فشكر الله تعالى لها فغفر لها، والهرة مثال على الحيوان الذي يدخل في حكم الإنسان، ولهذا فهذا الحكم ينسحب على ما كان في معناها من الدواب، ويزداد التشديد في حالة الحيوانات النافعة إذ هي مملوكة محبوسة مشغولة بمصالح المالك حتى مالك النحل يجب عليه أن يُبقي له شيئا من العسل في الكوارة أي خلية النحل بقدر حاجته إن لم يكفه غيره، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان أهل البيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه، وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

فقالوا إنه كان لنا جمل نسني عليه، أي نستقي عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه " قوموا فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته، فمشى النبي صلى الله عليه و سلم نحوه، فقالت الأنصار يا رسول الله إنه قد صار مثل الكلب وإنا نخاف عليك صولته، فقال ليس علي منه بأس فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بناصيته أذل ما كانت قط، حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه هذه البهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن أحق أن نسجد لك، فقال لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفس محمد بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتفجر بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه " رواه أحمد. 

وعن عبد الله بن جعفر رضى الله عنهما قال أردفني رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثا لا أخبر به أحدا أبدا، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم أحب ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل أي جماعة النخل فدخل يوما حائطا من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه فجرجر أي ردد صوته في حنجرته، وذرفت عيناه قال بهر وعفان فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته، أي الظهر وقيل السنام وذفراه وهو العظم الشاخص خلف الأذن سكن فقال من صاحب هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال هو لي يا رسول الله ، فقال أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه " رواه أبو داود وأحمد، ومع هذه الرحمة العظيمة التي كان يوليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للحيوان ومع ذلك العطف الكبير عليها فقد كان يذبح الهدي والأضحية ويأمر بذلك.

وليس في ذلك أي تعد على الحيوان وليس في ذلك أي ضرر عليه ولا على نسله، فالبشرية منذ بدء الخليقة وهم يتغذون على الحيوان والنبات ومع ذلك فهي في تكاثر وتنام وتزايد، ما لم يكن القتل عشوائيا، بلا هوادة ولا رحمة ولا تؤدة بالحيوان فإن حصل ذلك فلا غرو أن تباد بعض السلالات، وتنقرض أخرى، وتتناقص ثالثة، لكن لما كان الأمر من الله جل وعلا، العالم بحقائق الأمور وخفايا الصدور واتباعا لسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، وهكذا فإن الشيء القيّم هو الذي له قيمة عظيمة، وتبعا لهذا فإن القيم هي تلك المبادئ الخلقية التي تمتدح وتستحسن، وتذم مخالفتها وتستهجن، وإن أعظم القيم وأساسها هو الإيمان بالله تعالى، منه تنشأ، وبه تقوى، وحين يتمكن الإيمان في القلب يجعل المسلم يسمو فيتطلع إلى قيم عُليا، وإن الثبات على القيم حصانة للمجتمع من الذوبان، وتفيض عليه طمأنينة، وتجعل حياته وحركته إلى الأمام، ثابتة الخطى، ممتدة من الأمس إلى اليوم. 

لأنها في إطار العقيدة وسياج الدين، وإن المتكبر مثل الصاعد في الجبل، يرى الناس صغارا، ويرونه صغيرا، فإحذروا من التكبر على الآخرين وإهمالهم والاستخفاف بهم، وكأني بالمتكبر ينشر معادلة الاحتقار المتبادل، على حين أن تعاليم ديننا الإسلامى الحنيف توجهنا إلى أن ندعم قاعدة الاحترام المتبادل وقاعدة الاهتمام المشترك، ونحن جمعيا في حاجة إلى أن ننمي في نفوسنا مشاعر الاستحياء من الذات، لأننا حينئذ سنقوم باحترام الناس وتقديرهم وعلى رأسهم الأبوان والمعلمون وكبار السن، ومن لهم أيادى بيضاء في خدمة الناس والإحسان إليهم، وفي خدمة البلاد ورفعة شأنها، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم "ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا قدره" وقال صلى الله عليه وسلم "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط" فمن أراد منكم أن يكون محترما. 

فليعامل الناس على أساس قيم واحدة لأن الشخص المهذب اللطيف الكريم، لا يستطيع أن يتلون في سلوكه، ولا أن يلقى الناس بوجوه متعددة، إنه يكرم الجميع، ويصبر على الجميع، ويحاول فهم الجميع، ويعمل على مساعدة الجميع، ولهذا فإنه محترم ومقدر من قبل الجميع، واحترام الناس يعني فيما يعنيه احترام اجتهاداتهم واختياراتهم وأذواقهم، ما دام ذلك في إطار المباح والمشروع، فحاولوا دائما اختيار الكلمات والجمل المعبرة عن أصالتكم وترفعكم عن الدنايا، واهجروا الألفاظ السوقية التي يستخدمها الأشخاص غير المحترمين، واعملوا دائما على ألا تكونوا مصدر إزعاج لأحد، وألا تفاجئوا أحدا بمكروه، وتعلموا التأنق في التصرف.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.