بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 6 فبراير 2024
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا أما بعد لقد أمرنا الإسلام بتربية الأولاد تربية صالحة ومن تلك التربية هو طريقة الثواب والعقاب للأولاد ويعد الضرب أعلى تلك العقوبات، ولا يجوز اللجوء إليه إلا بعد اليأس من كل وسيلة للتقويم، وله شروط تجعل استعماله محدودا وفي أضيق الظروف إذ ليس من الرفق اللجوء إلى الضرب كوسيلة أولى في التأديب، ومن فعل ذلك فقد عنّف وما أدّب، وأفسد وما أصلح، وربما عُدّ صنيعه هذا انتقاما وليس تربية وإصلاحا، وعن أم الفضل زوج العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم قالت رأيت كأن في بيتي عضوا من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت فجزعت من ذلك فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له؟ فقال "خيرا، تلد فاطمة غلاما فتكفلينه بلبن ابنك قثم" قالت فولدت حسنا فأعطيته فأرضعته حتى تحرك أو فطمته، ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسته في حجره فبال، فضربت بين كتفيه، فقال "ارفقي بابني رحمك الله، أو أصلحك الله، أوجعت ابني" قالت قلت يا رسول الله اخلع إزارك والبس ثوبا غيره حتى أغسله، قال "إنما يغسل بول الجارية، وينضح بول الغلام" رواه أحمد، وكثيرا ما يظن الناس أن التربية تكون بالأمر والنهي والضرب والزجر، وهذا وإن كان صحيحا، إلا أنه ليس أنجح الوسائل ولا أوقعها في نفوس الناس عامة، والصغار خاصة، وقد درج الناس على حب من يحسنون إليهم ويعطفون عليهم.
وأول المحسنين إلى الإنسان بعد الله تعالى هما والداه إذ هما مصدر العطف والحنان الأول، بل هما أصل الإحسان في الدنيا، كما قال شوقي في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رحمت فأنت أم أو أب، هذان في الدنيا هما الرحماء، كما أن الإحسان يسترق الناس، ويجعلهم كالخاتم بأيدي المحسنين إليهم، وقد قالوا أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم، فإذا سلمنا بهذا، وعرفنا أن رأس المسئوليات وأعظمها بالنسبة للآباء هي تربية جيل صالح، يخدم هذه الأمة، وينتشلها من هوة الجهل والتخلف التي هوت فيها صار لزاما علينا التنبيه على شرف هذه المسئولية، وسبيل إحراز أجرها، غير أن الأهداف العظيمة تحتاج وسائل عظيمة، فعلى شرف المطلوب يكون شرف الطرائِق والوسائل.
ولن نحيد عن الصواب إن قلنا إن تربية أبناء صالحين مصلحين هي أشرف وأعظم عبادة على الآباء القيام بها بعد تعليم أبنائهم أركان الإيمان والإسلام، كما عليهم بذل الغالي والنفيس في سبيلها، وإذا صلح الأبناء كانوا عونا للمسلم على طاعة ربه، بدل أن يعينوا عليه الشيطان، ولا يتصور أن يكون الأولاد فتنة تصد العبد عن الطريق المستقيم إلى ربه إلا إذا كان هؤلاء الأولاد غير صالحين، ولم ينشؤوا تنشئة إسلامية صالحة، واعلموا أيها الأبناء إن الأم عطاء متجدد وفضل لا يُنسى، والأم مثال لنبع الماء الصافي الذي لا يتلوث أبدا ولا تعكره الأحداث لأنها لا تشبه في إحساسها أي شخص، فالجميع تجمعهم المصالح المشتركة والمتبادلة، أمّا الأم فهي تقدم مصلحتها في سبيل رؤية أبنائها أفضل الناس.
وحتى أفضل منها، لهذا لا عطاء مثل عطاء الأم، فهي صاحبة الفضل الأكبر على الأبناء، لهذا كان لها أكبر نصيب من وصايا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في حث الأبناء على برّها ورعايتها وطاعتها، فقال صلي الله عليه وسلم " أمك ثم أمك ثم أمك ".
إضافة تعليق جديد