رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 24 ديسمبر 2024 7:41 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن المنكسرين من الفقراء والأرامل والأيتام

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 8 فبراير 2024
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد يحتاج الناس دائما إلى كلمة حانية، ومواساة كريمة، وذلك لكثرة حوادث الدنيا، وهؤلاء المنكسرين من الفقراء، والأرامل، والأيتام، تطييب خاطرهم، وجبر مصابهم، والإحسان إليهم بالكلمة الطيبة، وتقديم المال، وكذلك زكاة الجاه، والسعي في قضاء الحاجات، إنه خطب عظيم، وأمر جسيم، وباب للأجر كبير، كان لأبي بزرة جفنة أي قصعة، من ثريد غدوة، وجفنة عشية، لمن؟ للأرامل، واليتامى، والمساكين، وكان صاحب المغرب المنصور يجمع الأيتام في العام، فيأمر للصبي بدينار، وثوب، ورغيف، ورمانة.
والقاضي محمد بن علي المروزي، عُرف بالخياط لأنه كان يخيط بالليل للأيتام والمساكين، ويعدها صدقة، فأصحاب المصاب يحتاجون إلى تخفيف المعاناة بالكلمة الطيبة، بالفعل الحسن، وحينما صُلب عبد الله بن الزبير قيل لابن عمر رضي الله عنهم جميعا إن أسماء في ناحية المسجد، وهي أم عبد الله بن الزبير، والحجاج مثّل بالجثة، فما كان منه عندما سمع ذلك إلا أن ذهب إليها مسرعا ويطيب نفسها على ابنها، فيقول لها إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله، فاتقي الله واصبري، وقيل أن عروة بن الزبير رضي الله عنه رجع من سفر، مات ولده بالعين، وقطعت رجله بالغرغرينا، وقال لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، سمع إبراهيم محمد بن طلحة بما حصل لعروة بن الزبير.
فذهب إليه يواسيه، فقال والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضاءك، وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع للبعض إن شاء الله، وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء، من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك، وهذا هو ابن لهيعة قاضي مصر حين احترقت مكتبته العظيمة، واحترقت داره، بعث إليه الليث بن سعد من الغد بألف دينار، والدينار أربعة غرامات وربع من الذهب، أي أربعة آلاف ومائتين وخمسين جراما من الذهب، فإنه تشتد الحاجة إلى المواساة لأن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون، نظرا لشدة الظلم الاجتماعي في هذا الزمان، هذه معلقة لا هي زوجة ولا هي مطلقة، هذه أرملة، ذاك مسكين، هذا يتيم، والآخر عليه ديون وغم وهم.
وهذا لا يجد جامعة، وهذا لا يجد وظيفة، وهذا لا يجد زوجة، أو لا يجد زواجا، المواساة تطييب الخاطر بكلمة ذكر، دعاء، موعظة، مال، مساعدة، جاه، قضاء حاجة، الكلمة الطيبة صدقة، قال ابن القيم جئت يوما مبشرا لابن تيمية بأكبر أعدائه، وأشدهم عداوة له وأذى، فنهرني، وتنكر لي، واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله، أهل الميت فعزاهم، وقال إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه، فسُروا به ودعوا له، أصحاب الأخلاق العالية يواسون حتى أهل عدوهم الذي كاد لهم وحسدهم وبغى عليهم وغلبهم، وقال أحمد بن عبد الحميد الحارثي ما رأيت أحسن خلقا من الحسين اللؤلؤي، كان يكسو ممالكيه كما يكسو نفسه، فالخادم هذا جاء من بعيد، في نفسه انكسار من الغربة، فلا أقل من أن يطيّب خاطره بشيء يشعره بأن من حوله له أهل.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.