بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 14 مايو 2024
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين الهادي إلي صراط مستقيم أحمده الحمد كله وأشكره الشكر كله، وأصلي وأسلم علي من لا نبي بعده رسولنا وحبيبنا محمد صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد لقد ساءت الأخلاق وساءت المعاملات وتغير الحال عما كان يجب أن يكون عليه من الألفة والترابط والإتحاد والتماسك، والصدق وأداء الأمانة، وقعت الخصومة والشحناء بين الأقارب والأباعد وبين الجيران والخلان بل وقعت الخصومة بين أفراد الأسرة الواحدة أتدرون لماذا ؟ لأننا ضيعنا الأمانة وفرطنا فيها وخنا العهد مع الله تعالي ومع خلقه، والأمانة وما أدراكم ما الأمانة، إنها الخلق الكريم والنادر الوجود اليوم، فإنك تبقى أياما وشهورا تبحث عن رجل أمين ولا تكاد تجده فتبحث بين المئات ولا أجحف إذا قلت بين الآلاف من الناس فلا تكاد تجد رجلا أمينا، لا أقول ذلك جزافا.
أو رجما بالغيب بل هي حقيقة منذ زمن بعيد، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمانة من الإيمان إذ قال في آخر الأخبار عنها وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، وحسبك من رفع شأن الأمانة أن كان صاحبها حقيقا بولاية أمر المسلمين لأن ولاية أمر المسلمين أمانة لهم ونصح ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أوصى بأن يكون الأمر شورى بين ستة " ولو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لعهدت إليه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له إنه أمين هذه الأمة " وكم نتحدث عن سير العمل في المحاكم وتقصير بعض القضاة وتأخيرهم الفصل في قضايا المتخاصمين فالخصوم أمانة في أعناق القضاة فليراعي كل أمانته وليحذر من الخيانة أو الغدر والنكوص على الأعقاب فالويل ثم الويل لمن فرط في أمانته، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت.
سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " ليأتين علي القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمني أنه لم يقضي بين اثنين في تمرة قط" رواه أحمد، وهذا هو القاضي العدل فكيف بالقاضي الظالم؟ فإذا كان الأمر كذلك فقد وجب علينا جميعا التذكير والنصح والإرشاد ليقوم كل فرد بواجبه من أجل سلامة مجتمعه وتقدم ورقي وطنه وازدهار أمته، وأما إهدار المال العام فإنه يتمثل في صور كثيرة من سوء إستخدام صلاحيات البعض، ومن عدم مراقبة الله تعالي فيما يعمل وفيما يأخذ، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من استعملناه علي عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" رواه أبو داود، وإن حضارة المسلمين على مدار القرون السابقة والتي كانت من الأسباب الرئيسة لظهور وتقدم حضارات الغرب والشرق والتقدم العلمي والصناعي والتجاري والإجتماعي الذي حققه المسلمون لم يأتي من فراغ.
بل كان هناك تصميم وعزيمة وعلم وقيم وأخلاق يتعاملون بها مع بعضهم البعض ومع غيرهم من الأمم والشعوب والمجتمعات من حولهم فكان من أعظم أخلاقهم وأجل صفاتهم الأمانة والتعامل بصدق وإتقان العمل وجودة الأداء كيف لا يكونون كذلك ورسولهم من ذو صباه وهو الملقب في قومه بالصادق الأمين وما كان لفظ الأمانة يفارق شفتيه صلي الله عليه وسلم طوال حياته ترغيبا وترهيبا يربي على ذلك المسلمين حتى يقول أنس رضي الله عنه وعن أنس قال ما خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا قال " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" رواه أحمد، وعندما فتحت فارس وسقط مُلك الأكاسرة أرسل القائد الفاتح نفائس الإيوان إلى المدينة المنورة كانت أكواما من الذهب والجواهر فى حقائب بعضها فوق بعض حملت من المدائن إلى دار الخلافة
لم تنقص ذرة خلال آلاف الأميال حيث قال الإمام ابن جرير لما قدم بسيف كسرى مع بقية الكنوز قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن أقواما أدوا هذا لذووا أمانة فقال له على ابن أبى طالب "انك عففت فعفت الرعية" وإن عظمة الأمم قبل أن تكمن في أجهزتها التشريعية والتنفيذية تكمن في قدراتها النفسية والخلقية وما ينتجه الإيمان من مواهب وملكات وطاقات فاعلة ومخلصة ومتقنة.
إضافة تعليق جديد