بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 11 فبراير
الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد تعرض رسول الله صلي الله عليه وسلم لمحن كثيرة، والمنح تولد من رحم المحن، وبعد العسر يأتي اليسر، فقريش أغلقت الطريق في وجه الدعوة في مكة وأحكمت الحصار ضدها ورجالها، وفقد النبي صلي الله عليه وسلم عمه الشفيق، وتجرأ المشركون عليه، وفقد زوجه الحنون التي كانت تواسي وتعين، ثم حوصر بعد ذلك ثلاث سنوات في شعب أبي طالب، وما صاحبه من جوع وحرمان، وما ناله في الطائف من جراح وآلام، ومع ذلك كله فرسول الله صلي الله عليه وسلم ماض في طريق دينه ودعوته، صابر لأمر ربه.
والإسراء والمعراج معجزة كبرى أرى الله عز وجل فيها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من عظيم آياته، أما الإسراء فيقصد به الرحلة العجيبة بالقياس إلى مألوف وقوانين البشر من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس، وأما المعراج فهو الرحلة السماوية من عالم الأرض إلى عالم السماء، حيث سدرة المنتهى، ثم الرجوع بعد ذلك إلى المسجد الحرام، وقد حدثت هاتان الرحلتان في ليلة واحدة قبل الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، وجاء حديث القرآن الكريم عن الإسراء في سورة الإسراء، وعن المعراج في سورة النجم، وقد تعددت روايات الإسراء والمعراج في السيرة والأحاديث النبوية الصحيحة، تشير كل رواية منها إلى جزء أو جانب من هذه الرحلة المباركة.
ونحن نختار هنا من تلك الروايات رواية أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد رواها الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى بصره فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط الأنبياء، ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن فقال جبريل اخترت الفطرة وهو الإسلام والاستقامة ثم عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم بصحبة جبريل إلى السماء الدنيا، فاستفتح جبريل أي طلب من الملائكة أن يفتحوا له الباب ليدخل فسُئل عمن معه؟ فأخبر أنه محمد صلى الله عليه وسلم، ففتح لهما.
وهكذا سماء بعد سماء، حتى انتهيا إلى السماء السابعة، فلقيا في السماء الأولى آدم عليه السلام، وفي الثانية يحيى وعيسى عليهما السلام، وفي الثالثة يوسف عليه السلام، وفي الرابعة إدريس عليه السلام، وفي الخامسة هارون عليه السلام، وفي السادسة موسى عليه السلام، وفي السابعة إبراهيم عليه السلام، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم في كل سماء من الترحيب ما تقر به عينه وهو لذلك أهل، ثم رُفع برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى، فأوحى الله إليه ما أوحى، وفرضت عليه الصلاة خمسين صلاة كل يوم، فأوصاه نبي الله موسى عليه السلام أن يعود إلى ربه يسأله التخفيف، فما زال النبي صلى الله عليه وسلم يفعل حتى أصبحت خمسا بدل الخمسين وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس.
فصلى بالمسجد الأقصى صلاة الصبح إماما والأنبياء خلفه، وانتهت رحلته صلى الله عليه وسلم وبعد عودته إلى مكة ذهب عنه كل كرب وغم، وهم وحزن وحينما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه برحلته، و بما رآه من آيات ربه، اشتد تكذيبهم له، وارتد بعض من لم يرسخ الإيمان في قلبه، وذهب بعض المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقالوا له إن صاحبك يزعم أنه أسري به إلى بيت المقدس، فقال أبو بكر رضي الله عنه إن كان قال فقد صدق" رواه مسلم.
إضافة تعليق جديد