رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 30 يونيو 2024 9:14 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن سابق عزنا ومجدنا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرّم، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعز الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد لقد فاق المسلمون غيرهم قرونا وعقودا من الزمان حين سمت عندهم مكانة العلم وأخلصوا في طلبه وأكرموا أهله، وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا ترقد في ظلام دامس وتغط في سبات عميق كان المسلمون قد سبقوا عصرهم في شتى العلوم وهانحن في هذا الزمان وقد تبدّل حالنا وصرنا في مؤخرة الركب بعد أن كنا في مقدمته، صرنا تابعين بعد أن كنا متبوعين. 

لأننا فصلنا بين العلم والدين بحجة مواكبة الغرب ونسينا أن ديننا يرغب في العلم ويدعو إليه ويمهّد طريقه ويدعو إلى رعاية طلابه وأساتذته ماديا ومعنويا، ومن هنا فلا عودة لنا إلى سابق عزنا ومجدنا إلا إذا أقبلنا على العلم من منطلق إيماني خالص عندئذ نعود إلى سالف مجدنا وسابق عزنا، وقيل أنه إذا أراد العالم الإسلامي أن يستأنف حياته ويتحرر من رق غيره وإذا كان يطمح إلى القيادة فلا بد من الإستقلال التعليمي، بل لا بد من الزعامة العلمية وما هي بالأمر الهيّن، فإنها تحتاج إلى تفكير عميق وحركة التدوين والتأليف الواسعة وخبرة إلى درجة التحقيق والنقد بعلوم العصر مع التشبع بروح الإسلام والإيمان الراسخ بأصوله وتعاليمه، إنها لمهمة تنوء بالعصبة أولى القوة وهى من شأن الحكومات الإسلامية، أن تنظم لذلك جمعيات وتختار لها أساتذة بارعين في كل فن. 

فيضعون منهاجا تعليميا يجمع بين محكمات الكتاب والسنة وحقائق الدين التي لا تتبدل وبين العلوم العصرية النافعة والتجربة والاختبار، ويدونون العلوم العصرية للشباب الإسلامي على أساس الإسلام وبروح الإسلام وفيها كل ما يحتاج إليه النشء الجديد، مما ينظمون به حياتهم ويحافظون به على كيانهم ويستغنون به عن الغرب، ويستخرجون به كنوز أرضهم وينتفعون بخيرات بلادهم وينظمون مالية البلاد الإسلامية ويديرون حكوماتها على تعاليم الإسلام بحيث يظهر فضل النظام الإسلامي في إدارة البلاد، وتنظيم الشئون المالية على النظم الأوربية وتنحل مشاكل إقتصادية عجزت أوربا عن حلها، وبالإستعداد الروحي والإستعداد الصناعي والحربي والإستقلال التعليمي ينهض العالم الإسلامي ويؤدى رسالته وينقذ العالم من الإنهيار الذي يهدده.

فليست القيادة بالهزل إنما هي جد الجد، فتحتاج إلى جد وإجتهاد وكفاح وجهاد وإستعداد أيما إستعداد، وواجب الأسرة أن تدفع أبناءها إلى طلب العلم وترغبهم فيه وتحفزهم على التفوق والنبوغ حتى يرتقوا بأنفسهم ومجتمعاتهم وينهضوا بأمتهم، وينبغي أن يوجه الطفل من صغره إلى طلب العلم لأن العلم في الصغر كالنقش على الحجر والعلم في الكبر كالنقش على الماء والطفل يملك من الإستعداد الفطري والصفاء الذهني ما يعينه على حفظ القرآن والأحاديث النبوية ومتون علوم اللغة والشريعة، كما ينبغي أن يُعلم الطفل آداب طلب العلم حتى يتحلى بها ومن أهمها الإخلاص والتقوى والصدق والصبر وتوقير المعلم وتنظيم الأوقات والإعتدال في المأكل والمشرب والنوم، وكذلك ينبغي أن يشجع على القراءة والمطالعة والتدبر والتفكر. 

وأن تراعى المواهب الناشئة والعبقريات المبكرة ويهيأ لها الجو المناسب للتفوق والابتكار، وأن يكون في البيت مكتبة نافعة لجميع أفراد الأسرة إلى جانب ترغيب الطفل في الذهاب إلى المكتبات الثقافية، وحضور الندوات والمؤتمرات في المساجد والمنتديات وسائر المؤسسات، كما ينبغى توجيه الأولاد إلى مدارسة حياة العلماء فهي حياة زاخرة وحافلة بالعبر والعظات، والمؤلفات في ذلك كثيرة وغزيرة، ومما ينبغي أن يعود عليه الطفل قراءة الصحف والمجلات الدينية والعلمية والثقافية ومشاهدة البرامج الهادفة البناءة في التليفزيون والفيديو والمواقع المفيدة الهادفة التعليمية التربوية، والتدريب على الحاسب الآلي والاشتراك في شبكات الإنترنت والمشاركة في الرحلات والمسابقات العلمية والثقافية. 

ومتابعة الأولاد في المدارس وحفزهم على الجد والاجتهاد وتجشم الصعاب في طلب العلم، كما ينبغي تبصيرهم بحاضر الأمة الإسلامية وتذكيرهم بماضيها حتى يأخذوا من ماضيهم لحاضرهم ويعرفوا مآثر أسلافهم وحضارتهم التي أضاءت الكون والتي اقتبس الغرب من أنوارها وبدءوا من حيث توقفت وأن دور هذا النشء أن يعيد أمجاد أسلافه من خلال إجتهاده في طلب العلم فهو دعامة أساسية للنهوض الحضاري.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.