رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 2:27 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن عذاب المعصية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من أعظم أسباب الثبات على الحق هو دعوة الناس إليه وثبتهم عليه فإنه جهاد، والمجاهد لله وبه مثبت ومهدي ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله، ومن دعى إلى الهدى كان له مثل أجور من تبعه، وقال صلى الله عليه وسلم " فو الله لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" وإن من موجبات الثبات على الحق والهدى مجالسة أهل الإيمان والتقوى وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم " لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" وإن من المعلوم أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح بها أولها، كما قال أهل الإيمان، ومن جملتهم إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله، حيث قال لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فما لم يكن يومئذ دين فلا يكون اليوم دين، وإن المعاصي سبب كل عناء، وطريق كل شقاء، ما حلت في ديار إلا أهلكتها، ولا فشت في مجتمعات إلا دمرتها وأزالتها. 

وما أهلك الله سبحانه وتعالى، أمه إلا بذنب، وما نجى وما فاز من فاز إلا بتوبة وطاعة، وبالمعاصي تدور الدوائر، ففاضت أرواح في غزوات بسبب خطيئة، وقد خرج آدم من الجنة بمعصيته، وقد دخلت امرأة النار في هرة، فما الذي أهلك الأمم السابقة، وطمس الحضارات البائدة، سوى الذنوب والمعاصي، وإن المعصية عذاب، وإن المعصية وحشة، وإن المعصية حتى ولو كانت صغيرة مع الإصرار عليها تعمي البصيرة، وتسقط الكرامة، وتوجب القطيعة، وتمحق البركة، ما لم يتب العبد ويرجع خائفا وجلا، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قال "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" رواه مسلم، ووقد حذر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. 

أمته من الاغترار بالدنيا، والحرص الشديد عليها في أكثر من موضع، وذلك لما لهذا الحرص من أثره السيئ على الأمة عامة، وعلى من يحملون لواء الدعوة خاصة، وعن ابن عمر رضى الله عنهما، عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال " إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقله إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت " رواه البخارى، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرحه لهذا الحديث ما دام التعاهد موجودا فالحفظ موجود، كما أن البعير ما دام مشدودا بالعقال فهو محفوظ وقد خص الإبل بالذكر لأنها أشد الحيوان الإنسي نفورا، وفي تحصيلها بعد استكمان نفورها صعوبة، وقال ابن عبد البر في الاستذكار، إن في هذا الحديث الحض على درس القرآن الكريم وتعاهده والمواظبة على تلاوته والتحذير من نسيانه بعد حفظه، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد العناية بحفظ القرآن. 

وحريصا على تلقفه من جبريل عليه السلام، حتى بلغ من شدة عنايته به، وحرصه عليه أنه كان يحرك به لسانه أكثر من المعتاد عند قراءته، خشية أن تفلت منه كلمة، أو يعزب عنه حرف حتى طمأنه ربه، ووعده أن يحفظه له في صدره، وأن يقرأَه لفظه، وأن يفهمه معناه وتفسيره، فأنزل الله تعالى فى سورة القيامة " لا تحرك به لسانك لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إنا علينا بيانه " فينبغي على كل مسلم أن يجعل له وردا ثابتا كل يوم من القرآن الكريم فكما أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون طعام أو شراب فكذلك لابد له من غذاء روحي يومي ألا وهو القرآن الكريم، فتعالوا لنرى حال الصحابة مع القرآن؟ فبعضهم كان إذا فاته ورده يبكي، وقد دخلوا على أحدهم ذات مرة، فوجوده يبكي بشدة، فسألوه أتشتكي وجعا؟ قال أشد، أشد، قالوا وما ذاك؟ قال نمتُ بالأمس ولم أقرأ وردي. 

وما ذلك إلا بذنب أذنبته، وهكذا فإن هذا القرآن الذي بين أيدينا قد يسره الله لنا فهو حبل الله المتين وصراطه المستقيم من تمسك به نجا ومن أعرض عنه هلك، فلا ينجو من عذاب الله ولا يفوز برحمة الله إلا من تمسّك بهذا القرآن العظيم الذي بين أيدينا، فقد يسره الله وسهله علينا وأمرنا بالعمل به والتمسك به، فيه الهدى والنور، فيه الشفاء، فيه الرحمة، فيه الهداية، وإن كثيرا من الناس يقضون أوقاتا طويلة في تصفح شبكة النت وشبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك، وقد يقومون ليلهم مع الفيس بتلهف واهتمام، فلماذا لا يحظى كتاب الله ولو بمثل هذا الاهتمام؟ فلا يصح لمسلم أن يحفظ كلام الله ثم ينساه، ومما يعين على الحفظ هو كثرة المراجعة، ومعرفة تفسير الآيات وسبب نزولها، والصلاة بما تحفظ خاصة في قيام الليل، فالواجب على الجميع تعلم القرآن الكريم وتعليمه، تلاوة وأحكاما وتجويدا وتفسيرا وإعجازا وهذا الأمر ليس صعبا.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.