رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 18 أكتوبر 2024 8:13 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن مواساة المنكسر والحائر

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد اعلموا عباد الله أن تطيب الخواطر عبادة من أجل العبادات المنسية في مجتمعاتنا في زمن كثرة فيه الأنانيات والإهتمام بالذات والإنهماك في الشهوات، حيث قال سفيان الثوري "ما رأيت عبادة أجل وأعظم من جبر الخواطر، فإن جبر الخواطر ذلك دأب أولي النهي، وترى الجهول بكسرها يتمتع، فاجعل لسانك بلسما فيه الشفا، لا مشرطا يدمي القلوب ويوجع، وإن من أكرم الخصال وأرقى الفعال هو جبر الخواطر ومراعاة المشاعر، ومواساة المنكسر والحائر.
فالإسلام علّمنا أن نكون عونا لبعضنا، ننصر المظلوم، ونواسي المكلوم، ونعطي المحروم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما، ستره الله يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي" رواه البخاري ومسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعة" رواه البخاري.
وإن الإنسان في هذه الحياة يتعرض لظروف شديدة، فكم من حزين بحاجة إلى من يجبر خاطره بكلمة حانية، تضمد جراحات قلبه، وكم من مظلوم بأمس الحاجة إلى يقف معه في مظلمته، ويخفف عنه ألم الظلم والقهر الذي يقطع قلبه، وكم من مبتلى يتمنى أن يجد أخا صادقا يصبّره في بلائه، ويقويه ويشد أزره، ويذكره بجزاء الله العظيم له في بلائه إن صبر واحتسب الأجر، وكم من مهموم قد أثقلته الهموم ينتظر صديقا، يفتح له باب الأمل، ويبشّره بقرب الفرج، وكم مريض قد هدّه المرض ينتظر زائرا يواسيه ويخفف عنه آلامه، ومن فرّج عن أخيه كربة فرج الله عنه يوم القيامة، فالجزاء من جنس العمل، وإن من أمثلة جبر الخواطر هو أن تشكر من قدم لك خدمة ولو كانت واجبة عليه.
كأن يشكر الزوج زوجته وتشكر الزوجة زوجها، ويشكر الوالدين أبناءهم، وأن تثني على من بذل جهدا ولو لم يستطع إتقانه، وتمدح ما قام به من جهد، وخصوصا إذا كنت مسؤولا عنه كالمدير حين يشكر موظفيه، أو المسؤول حين يثني على المجتهدين من عماله، فإن هذا الثناء سيرفع همتهم ويطيب نفوسهم، والهدية ولو لم تكن شيئا ثمينا، ففيها جبر للخواطر وتطييب للنفوس، فهي من أسباب زرع المحبة بين الناس، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تهادوا تحابوا " رواه البخاري، ومن جبر الخواطر حين تتقصد الشراء من البائع البسيط الذي يكد في طلب لقمة العيش الحلال، ولا تبخسه بضاعته، بل ربما تعطيه أكثر من قيمة بضاعته، وقبول إعتذار المخطئ من جبر الخواطر.
فحين يأتيك أخوك متأسفا على ما بدر منه يرجو عفوك وصفحك، ينبغي عليك ألا تخيب ظنه فيك، فاعفو واصفح واجبر خاطره، والله يجبر خاطرك ويرفع قدرك لأنك رفعت قدر أخيك، وحين تحزن مع أخيك الحزين، وتعزيه وتواسيه، وتفرح معه إذا كان مسرورا وتبارك له وتظهر له السرور والبهجة، فإن هذه مواقف راقية مؤثرة تجبر الخواطر، وتراعي المشاعر.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.